فصل: الورود على النار

صباحاً 10 :35
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
20
السبت
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء «المجموعة الثانية» ***


تفسير سورة هود

نسبة الإذن بالزنا إلى لوط عليه السلام

فتوى رقم ‏(‏6246‏)‏‏:‏

س‏:‏ هناك من يفسر المراد بقوله تعالى‏:‏ سورة هود الآية 78 ‏{‏هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ‏}‏ إن النبي لوطا عليه السلام كان يقصد بذلك‏:‏ تعالوا وافعلوا الفاحشة- أي الزنا- مع بناتي من صلبي، وأن ما ورد عن المفسرين من تفسير الآية أن لوطا عليه السلام أب لجميع المؤمنات، وأنه كان يقصد الزواج الشرعي يخالف ظاهر سياق الآية، ويعلل ذلك بأن الزنى أقرب إلى الفطرة من اللواط وأقل شذوذا؛ وبالتالي درءا لأعظم المفسدتين وهو اللواط بارتكاب أقل الضررين وهو الزنى حسب القاعدة المشهورة، فما قولكم في هذا التفسير والحكم على الشخص‏؟‏

ج‏:‏ المراد بجملة سورة هود الآية 78 ‏{‏هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ‏}‏ ندب هؤلاء الكفار إلى التزوج بالنساء ووطئهن في الحلال- سواء كن بناته أم بنات قومه، فإن بنات قومه بناته حكما؛ لكونه رسولا إليهم- واجتناب اللواط والاعتداء على ضيف لوط بالفاحشة، وعلى كل حال لم يرد الإذن لهم في الزنا ببناته ولا ببنات أمته فإنه من كبائر الذنوب في جميع شرائع الله تعالى، فينزه النبي عن الإذن فيه، ومن قال‏:‏ إنه أذن فيه؛ لأنه أخف من اللواط، فقد أخطأ وغلط غلطا عظيما‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة يوسف

بيع يوسف عليه السلام

فتوى رقم ‏(‏5285‏)‏‏:‏

س‏:‏ بعد الاطلاع على ‏[‏تفسير القرآن‏]‏ لابن كثير، وأيضا الجلالين وجدت في تفسير سورة يوسف أن إخوة يوسف قد باعوه، ولكن توجد مجموعة كبيرة من المسلمين هنا تعارض ذلك وتفيد أن إخوة يوسف لم يبيعوه‏.‏

أرجو الإفادة بالحقيقة، وأيضا إفادتنا بالكتاب الذي يوضح هذه القصة على الحقيقة لكي أشتريه، ولكم جزيل الشكر والاحترام وجعلكم ذخرا للدين وللمسلمين‏.‏

ج‏:‏ الصحيح في تفسير هذه الآية‏:‏ أن السيارة الذين وجدوا يوسف عليه السلام في البئر هم الذين باعوه- كما يفهم من السياق ومن ظاهر القصة، وهذا قول قتادة وغيره- لا إخوته، وقد ذكر هذا القول عدد من المفسرين منهم القرطبي وابن الجوزي وابن كثير وابن جرير وغيرهم‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

معنى هَمِّ يوسف عليه السلام

السؤال الأول من الفتوى رقم ‏(‏4488‏)‏‏:‏

س1‏:‏ عاد الإمام من مصر بعد زيارة لابنه وقال‏:‏ بأنه جالس العلماء هناك ولاحظ بعض الأخطاء التي يقع فيها، ومثل لذلك أن في سورة يوسف قوله تعالى‏:‏ سورة يوسف الآية 24 ‏{‏وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا‏}‏ أنه كان يفكر أن المقصود بذلك همت به وهم بها في عمل الجنس الذي يقع بين المرأة والرجل، ولكن فهم في مصر من العلماء أن المقصود غير العادة الجنسية، فهل هذا صحيح‏؟‏ علما بأن الآيات تدل أن المقصود هو عمل الجنس لولا أن رأى برهان ربه‏.‏

ج1‏:‏ الصحيح من أقوال العلماء في ذلك‏:‏ أن الهم الذي وجد من يوسف- عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام- هو‏:‏ الميل الجنسي الطبيعي الذي يوجد مع أي إنسان عند وجود سببه، وقد صرفه الله سبحانه وتعالى عنه بقوله‏:‏ سورة يوسف الآية 24 ‏{‏كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ‏}‏ ولا يجوز صرف الآية عن ظاهرها إلا بدليل، وليس هنا دليل فيما نعلم يوجب صرفها عن ظاهرها، والهم بالسيئة لا يضر المسلم إذا لم يفعل، بل يكتب له بذلك حسنة إذا ترك الفعل من أجل الله، كما صح بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة الحجر

السبع المثاني في القرآن الكريم

السؤال الثالث من الفتوى رقم ‏(‏4683‏)‏‏:‏

س3‏:‏ ما هي السبع المثاني في القرآن الكريم‏؟‏

ج3‏:‏ المراد بالسبع المثاني في قوله تعالى‏:‏ سورة الحجر الآية 87 ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏}‏ سورة الفاتحة؛ لما رواه البخاري عن أبي سعيد بن المعلى، قال‏:‏ صحيح البخاري فضائل القرآن ‏(‏4720‏)‏، سنن النسائي الافتتاح ‏(‏913‏)‏، سنن أبو داود الصلاة ‏(‏1458‏)‏، سنن ابن ماجه الأدب ‏(‏3785‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏4/211‏)‏، سنن الدارمي الصلاة ‏(‏1492‏)‏‏.‏ كنت أصلي فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فلم أجبه، قلت‏:‏ يا رسول الله، إني كنت أصلي قال‏:‏ ‏"‏ألم يقل الله‏:‏ سورة الأنفال الآية 24 ‏{‏اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ‏}‏ ثم قال‏:‏ ‏"‏ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد‏"‏، فأخذ بيدي، فلما أردنا أن نخرج قلت‏:‏ يا رسول الله، إنك قلت‏:‏ ‏"‏لأعلمنك أعظم سورة من القرآن‏"‏ قال‏:‏ ‏"‏الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة النحل

سؤال أهل الذكر

فتوى رقم ‏(‏4436‏)‏‏:‏

س‏:‏ صار نقاش في تفسير الآية‏:‏ سورة النحل الآية 43 ‏{‏فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ‏}‏ فمنا من قال‏:‏ هي عامة في أمور الدنيا والدين، ومنا من قال‏:‏ هي خاصة في أمور الدين من كل فرائضه وسننه فقط‏.‏

نرجو توضيح الجواب وجزاكم الله خيرا‏.‏

ج‏:‏ يطلق الذكر على القرآن، كما في قوله تعالى‏:‏ سورة الحجر الآية 9 ‏{‏إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ‏}‏ وفي قوله‏:‏ سورة النحل الآية 44 ‏{‏وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ‏}‏ ويطلق على اللوح المحفوظ، كما في قوله‏:‏ سورة الأنبياء الآية 105 ‏{‏وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ‏}‏ فالزبور‏:‏ الكتب السماوية‏.‏ والذكر‏:‏ هو اللوح المحفوظ، فحكم الله تعالى قدرا وشرعا بأن الصالحين هم الذين ينصرون في الدنيا والآخرة، فلهم السعادة في الدنيا، والفوز بسكنى جنات النعيم في الآخرة، ويطلق الذكر على الشرف والرفعة، وعلى ذكر الناس لربهم وذكر الله لهم، إلى غير ذلك من المعاني التي تبين لمن تتبع آيات القرآن ولغة العرب، لكن المراد بالذكر في قوله تعالى‏:‏ سورة النحل الآية 43 ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ‏}‏ سورة النحل الآية 44 ‏{‏بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ‏}‏ سورة النحل، وفي قوله‏:‏ سورة الأنبياء الآية 7 ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ‏}‏ سورة الأنبياء الآية 8 ‏{‏وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ‏}‏ سورة الأنبياء الآية 9 ‏{‏ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ‏}‏ سورة الأنبياء، المراد في الآيتين‏:‏ الكتب المنزلة على الرسل قبل نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأهل الذكر‏:‏ من نزلت تلك الكتب على رسلهم كاليهود والنصارى، والمأمور بسؤالهم‏:‏ المشركون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين أنكروا أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم رسولا؛ لكونه من البشر، والرسل إنما تكون من الملائكة، ليبين لهم أهل الذكر من اليهود والنصارى أن من سبقه من الرسل إنما كانوا من البشر لا الملائكة، غير أن هاتين الآيتين وإن نزلتا في أمر أولئك المشركين أن يسألوا أهل الكتب السابقة عن رسلهم ليتبين لهم أنهم من البشر، فهما دالتان على أمر كل من يجهل شيئا ينفعه أن يسأل عنه أهل العلم به؛ ليستفيد ما يعود عليه بالخير وينهض به في دينه ودنياه، فيدخل في ذلك شئون الدين أولا، وما يحتاجه من شئون دنياه التي لها تعلق بالدين، فإن المكلف مأمور أن يعمل لدينه ودنياه‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة الإسراء

تسمية سورة الإسراء ببني إسرائيل

فتوى رقم ‏(‏493‏)‏‏:‏

س‏:‏ شخص وجد في المسجد مصحفا فيه تسمية لسورة الإسراء غير التسمية التي يعرفها وهو تسميتها بسورة بني إسرائيل، ويسأل عن صحة هذه التسمية‏؟‏

ج‏:‏ تسمية سورة الإسراء بسورة بني إسرائيل تسمية صحيحة، ومعتبرة لدى أهل العلم‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن منيع

تفسير الآية 5 من سورة الإسراء

السؤال الأول من الفتوى رقم ‏(‏7380‏)‏‏:‏

س1‏:‏ تفسير الآية في سورة الإسراء سورة الإسراء الآية 5 ‏{‏فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ‏}‏ فهل هي خاصة بالمؤمنين أم هي عامة‏؟‏ وهل وقعت أم لم تقع‏؟‏

ج1‏:‏ أخبر الله تعالى بني إسرائيل وبين لهم في الكتاب الذي أنزله إليهم أنهم سيفسدون في الأرض، ويتجبرون فيها، ويطغون على الناس مرتين، فإذا وقعت الإفسادة الأولى منهم سلط الله عليهم جندا من خلقه شديدي البأس، ذوي قوة وعدة وجبروت فتغلبوا عليهم، وتملكوا بلادهم، وجاسوا خلال ديارهم، وساروا بين بيوتهم؛ عقوبة لهم على طغيانهم، وكان ذلك من الله تعالى قضاء مبرما عدلا من الله وحكمة، حتى إذا تاب بنو إسرائيل وأنابوا إلى الله جعل سبحانه الكرة لهم على هؤلاء الجبارين، وأدالهم ونصرهم على عدوهم واستردوا منهم بلادهم وأمدهم بأموال وبنين وجعلهم أكثر نفيرا، جزاء لهم على توبتهم وإحسانهم رحمة من الله وفضلا، فمن أحسن فله الإحسان ومن أساء فعليها، فإذا جاء وعد الآخرة فوقعت منهم الإفسادة الثانية طغيانا وتجبرا، سلط الله عليهم من يسومونهم سوء العذاب، ويدخلون مسجد بيت المقدس كما دخلوه أول مرة ويدمرون ما شاء الله أن يدمروه؛ جزاء وفاقا بطغيانهم وإفسادهم في الأرض، وعدلا منه تعالى وحكمة، قال الله تعالى‏:‏ سورة فصلت الآية 46 ‏{‏مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ‏}‏ ثم أخبرهم سبحانه بأنهم إن عادوا إلى الإفساد جازاهم من جنس صنيعهم، وزيادة في الفائدة ننصح لك بقراءة ‏[‏تفسير ابن كثير ‏]‏ رحمه الله للآيات المذكورة من سورة الإسراء‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير الآية 58 من سورة الإسراء

السؤال الثاني من الفتوى رقم ‏(‏6395‏)‏‏:‏

س2‏:‏ في سورة الإسراء الآية رقم ‏(‏58‏)‏ قال تعالى‏:‏ سورة الإسراء الآية 58 ‏{‏وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا‏}‏ هل يقصد الله بالآية الأقوام السابقين أم الوقت الحالي أو كل القرى في كل الأوقات‏؟‏

ج2‏:‏ الآية تعم السابقين واللاحقين ممن يرتكبون ما يوجب الهلاك، فالمعنى- والله أعلم- ‏:‏ وإن من قرية ظالمة، يوضح ذلك قوله تعالى‏:‏ سورة الإسراء الآية 15 ‏{‏وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا‏}‏ وقوله‏:‏ سورة الأنبياء الآية 11 ‏{‏وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً‏}‏ الآيات، وقوله تعالى بعد خبره عن إهلاكه بعض من سبق من الظالمين‏:‏ سورة هود الآية 83 ‏{‏وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ‏}‏‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

تفسير سورة الكهف

حرمة اتخاذ المساجد على القبور

فتوى رقم ‏(‏4932‏)‏‏:‏

س‏:‏ لاحظنا في كتاب ‏[‏أوضح التفاسير‏]‏ لابن الخطيب في سورة الكهف الآية ‏(‏20‏)‏ في قوله تعالى‏:‏ سورة الكهف الآية 21 ‏{‏وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا‏}‏ نأمل إفادتنا عن صحة ما كتبه المؤلف في التعليق على قوله‏:‏ سورة الكهف الآية 21 ‏{‏لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا‏}‏‏.‏

ج‏:‏ قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره على قوله تعالى‏:‏ سورة الكهف الآية 21 ‏{‏قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا‏}‏‏.‏

حكى ابن جرير في القائلين ذلك قولين‏:‏

أحدهما‏:‏ أنهم المسلمون منهم، والثاني‏:‏ أهل الشرك منهم، فالله أعلم‏.‏

والظاهر أن الذين قالوا ذلك‏:‏ هم أصحاب الكلمة والنفوذ، ولكن هل هم محمودون أم لا‏؟‏ فيه نظر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ صحيح البخاري الجنائز ‏(‏1324‏)‏، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة ‏(‏531‏)‏، سنن النسائي المساجد ‏(‏703‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏6/121‏)‏، سنن الدارمي الصلاة ‏(‏1403‏)‏‏.‏ لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا‏.‏ اه‏.‏

والصواب أنهم مذمومون بذلك؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ صحيح البخاري الصلاة ‏(‏425‏)‏، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة ‏(‏531‏)‏، سنن النسائي المساجد ‏(‏703‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏6/146‏)‏، سنن الدارمي الصلاة ‏(‏1403‏)‏‏.‏ لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ولما في الصحيحين، عن عائشة رضي الله عنها، أن أم حبيبة، وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها في الحبشة وما فيها من الصور، فقال‏:‏ صحيح البخاري الصلاة ‏(‏424‏)‏، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة ‏(‏528‏)‏، سنن النسائي المساجد ‏(‏704‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏6/51‏)‏‏.‏ أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله وفي ‏[‏صحيح مسلم ‏]‏، عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة ‏(‏532‏)‏‏.‏ ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك، والأحاديث في ذلك كثيرة‏.‏

ومما تقدم يتضح للسائل أن ما ذكره ابن الخطيب في تفسيره ‏[‏أوضح المسالك‏]‏ من تجويز اتخاذ المساجد على القبور خطأ عظيم، مخالف لما دلت عليه الأحاديث المذكورة وغيرها، ولما أجمع عليه أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتابعيهم بإحسان من اتخاذ المساجد علي القبور والبناء عليها؛ لما في ذلك من التشبه باليهود والنصارى ومن سلك مسلكهم، ولأن ذلك وسيلة من وسائل الشرك الأكبر‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

تفسير الآية 29 من سورة الكهف

السؤال الثامن من الفتوى رقم ‏(‏9880‏)‏‏:‏

س8‏:‏ ما هو التفسير الصحيح لقوله تعالى‏:‏ سورة الكهف الآية 29 ‏{‏وقل الحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ‏}‏‏.‏

ج8‏:‏ التفسير الصحيح لذلك هو‏:‏ أن الله تعالى ذكره يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم‏:‏ وقل يا محمد لهؤلاء- الذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا واتبعوا أهواءهم- يا أيها الناس هذا الذي أتلوه عليكم هو الحق الذي أنزل علي من ربكم وإليه التوفيق والخذلان، وبيده الهدى والضلال يهدي من يشاء منكم للرشاد فيؤمن، ويضل من يشاء عن الهدى فيكفر، ليس إلي من ذلك شيء ولست بطارد من أجل هواكم أحدا ممن كان للحق متبعا، وبالله وبما أنزل علي مؤمنا، فإن شئتم فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا، فإنكم إن كفرتم فقد أعد الله لكم على كفركم به نارا أحاط بكم سرادقها، وإن آمنتم به وعملتم بطاعته فإن لكم ما وصف سبحانه لأهل طاعته، وليس المراد من هذا إباحة الله تعالى الكفر لمن شاء والإيمان لمن شاء، وإنما هو تهديد ووعيد، وقد دل على هذا ما ذكره تعالى بعد في ختام هذه الآية من توعدهم بالعذاب الشديد، وما جاء في الآيتين بعدها من تبشير المؤمنين بجنات النعيم‏.‏

ارجع إلى ‏[‏تفسير الإمام ابن جرير الطبري ‏]‏ رحمه الله لهذه الآية والآيتين بعدها من سورة الكهف، أو ‏[‏تفسير ابن كثير ‏]‏ لها، وفيهما الكفاية‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

هجر سورة من القرآن

فتوى رقم ‏(‏1349‏)‏‏:‏

س‏:‏ يتضمن أن المستفتي يذكر‏:‏ أنه يقرأ القرآن من سورة الفاتحة إلى آخر سورة الإسراء وهو في عافية، فإذا بدأ في قراءة سورة الكهف مرض وأغمي عليه فلا يفيق إلا بعد سبع ساعات تقريبا، وإذا أفاق قرأ سورة مريم حتى سورة الناس ولا يصيبه شيء إلا من قراءة سورة الكهف، فلذا ترك قراءتها مدة ثلاث سنوات، ويسأل هل عليه في هجرها إثم أو يجوز له أن يتركها، وكيف يحل مشكلته‏؟‏

ج‏:‏ القرآن كلام الله تعالى، فيه الهدى والنور والشفاء لما في الصدور، من قرأه بإخلاص، وتدبر آياته، وعمل بما فيه من أحكام، آتاه الله بصيرة في دينه وقوة في يقينه، ودفع عنه كيد الشياطين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ نفسه عند النوم بقراءة السور الثلاث‏:‏ سورة الإخلاص الآية 1 ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ و سورة الفلق الآية 1 ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ‏}‏ و سورة الناس الآية 1 ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ‏}‏ يقرؤهن ثلاث مرات، وينفث في كفيه عقب كل مرة ويمسح بهما وجهه وما استطاع من جسده، وشرع لأمته قراءة آية الكرسي عندما يأخذ المسلم مضجعه؛ ليكون ذلك حفظا له من الشيطان حتى يصبح، وأقر من رقى بالفاتحة لديغا من زعماء الكفار، وكان في هذا شفاؤه، وشرع لأمته الرقية بالقرآن عموما، وبالجملة فالقرآن كله خير وبركة وشفاء، ولا يأتي الخير بالشر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يؤتى الإنسان من قبله، إما من عدم إخلاصه أو سوء تطبيقه‏.‏

وعلى هذا فما ذكره السائل من إصابته بمرض أو غشي عند تلاوة سورة الكهف، إما وهم فعليه أن يتقي الله ويدع الأوهام، وإما حقيقة فهو مس من سفهاء الجن، ونزغ من الشيطان يكيد به لقارئ القرآن عموما ولقارئ سورة منه، ليحمله على ترك قراءته أو ترك قراءة السورة التي أصابه عند تلاوتها، فإذا ترك قراءة السور مثلا فقد غلبه الشيطان وظفر منهببغيته، وزاد في الكيد له حتى يستولي عليه ويكون من إخوان الشياطين الذين يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون، وطريق الخلاص من ذلك‏:‏ الاستعاذة بالله منالشيطان الرجيم بإخلاص وصدق لهجة في اللجأ إلى الله والفزع إليه، ليحصنه من الشياطين، وبذلك يكون من المتقين لا من إخوان الشياطين، وقد أرشدنا الله إلىذلك في عموم قوله‏:‏ سورة الأعراف الآية 200 ‏{‏وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم‏}‏ سورة الأعراف الآية 201 ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ‏}‏ سورة الأعراف الآية 202 ‏{‏وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ‏}‏‏.‏

فعليك أيها السائل‏:‏ أن تستعيذ بالله من الشيطان عند بدء قراءة القرآن عموما، مع إخلاص وضراعة قلب وصدق في الالتجاء إلى الله، ولا تهجر سورة الكهف ولا غيرها لما أصابك، فإن في مخالفة الشيطان وما يلقيه في القلب من وهن ووساوس وأوهام كبتا له وإحباطا لكيده، وأبشر بأن الله معك، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن سليمان بن منيع

تفسير سورة مريم

الورود على النار

السؤال الثاني من الفتوى رقم ‏(‏7918‏)‏‏:‏

س2‏:‏ ما تفسير قوله تعالى في الآية ‏(‏71‏)‏ في سورة مريم‏:‏ سورة مريم الآية 71 ‏{‏وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا‏}‏‏؟‏

ج2‏:‏ الورود في الآية الكريمة‏:‏ هو المرور على الصراط المنصوب على متن جهنم فقد دلت الأحاديث والآثار الكثيرة على أن الصراط ينصب على جهنم ويمر الناس عليه على قدر أعمالهم‏.‏

ونوصيك بمراجعة ‏[‏تفسير ابن كثير ‏]‏ في ذلك؛ لمزيد الفائدة‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير الآية 71 من سورة مريم

السؤال الثالث عشر من الفتوى رقم ‏(‏9414‏)‏‏:‏

س13‏:‏ ما معنى الآية التالية‏:‏ سورة مريم الآية 71 ‏{‏وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا‏}‏‏؟‏

ج13‏:‏ هذه الآية فيها بيان من الله تعالى بورود النار للبر والفاجر، ثم ينجي الله المؤمنين الذين اتقوا الشرك، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ صحيح البخاري العلم ‏(‏102‏)‏، صحيح مسلم البر والصلة والآداب ‏(‏2632‏)‏، سنن الترمذي الجنائز ‏(‏1060‏)‏، سنن النسائي الجنائز ‏(‏1875‏)‏، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز ‏(‏1603‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏2/473‏)‏، موطأ مالك الجنائز ‏(‏554‏)‏‏.‏ لا يموت لأحد من المؤمنين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم، يعني بذلك‏:‏ قوله سبحانه في سورة مريم‏:‏ سورة مريم الآية 68 ‏{‏فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا‏}‏ سورة مريم الآية 69 ‏{‏ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا‏}‏ إلى أن قال سبحانه‏:‏ سورة مريم الآية 71 ‏{‏وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا‏}‏‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

السؤال الأول من الفتوى رقم ‏(‏3164‏)‏‏:‏

س1‏:‏ ما معنى قوله تعالى‏:‏ سورة مريم الآية 71 ‏{‏وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا‏}‏ سورة مريم الآية 72 ‏{‏ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا‏}‏ الآية‏؟‏

ج1‏:‏ يبين الله تعالى لعباده أنه لا أحد من الناس- برا كان أم فاجرا- إلا سيمر على الصراط المضروب على متن جهنم، وإن هذا المرور علمه الله تعالى وكتبه وأوجبه على نفسه؛ عدلا منه تعالى وحكمة وفضلا منه ورحمة، فكان أمرا مقضيا قضاء لازما لا محيد عنه ولا مفر منه، ثم ينجي الله من عذاب النار من اتقاه أيام الدنيا، ففعل ما أمره الله به من الطاعات، واجتنب ما نهاه عنه من المعاصي والسيئات، ويترك الظالمين في جهنم مكدسين جثيا، جزاء وفاقا بما كفروا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون‏.‏

تفسير سورة المؤمنون

تفسير قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ‏}‏

السؤال الثالث من الفتوى رقم ‏(‏4395‏)‏‏:‏

س3‏:‏ ما معنى قوله تعالى‏:‏ سورة المؤمنون الآية 88 ‏{‏وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ‏}‏‏؟‏

ج3‏:‏ معناه‏:‏ أن الله سبحانه يغيث من استغاث به ممن أراده بشر من المخلوقات، ويمنعه ممن أراده بسوء إذا شاء، ولا أحد من الخلق يستطيع أن يمنع أحدا أراده الله بسوء فينجيه من بأس الله وعقابه، ونظيره قوله تعالى‏:‏ سورة يونس الآية 107 ‏{‏وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏}‏‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة النور

علم النبي صلى الله عليه وسلم ببراءة السيدة عائشة من الإفك

السؤال الأول فقرة ‏(‏ج‏)‏ من الفتوى رقم ‏(‏9811‏)‏‏:‏

س1 ج‏:‏ هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم براءة عائشة من حادث الإفك قبل نزول الوحي كما قال أحدهم‏؟‏

ج1 ج‏:‏ لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم براءة عائشة رضي الله عنها قبل نزول الوحي عليه ببراءتها، ولو كان يعلم براءتها لما حار في أمرها، ولا سأل عن حالها الصحابة رجالا ونساء‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

دخول المخنث على النساء

السؤال الرابع من الفتوى رقم ‏(‏6167‏)‏‏:‏

س4‏:‏ روى الإمام أحمد عن أم سلمة أنها قالت‏.‏‏.‏‏.‏ رواه أحمد ‏(‏6/ 290‏)‏، والبخاري ‏[‏فتح الباري‏]‏ برقم ‏(‏4324، 5235، 5887‏)‏، ومسلم برقم ‏(‏2180، 2181‏)‏‏.‏ دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندها مخنث، وعندها عبد الله بن أبي أمية يعني‏:‏ أخاها، والمخنث يقول‏:‏ يا عبد الله إن فتح الله عليكم الطائف، فعليك بابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فسمعه الرسول صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ لا يدخلن هذا عليك

‏[‏تفسير ابن كثير ‏]‏ ج2 سورة النور ‏(‏285‏)‏ ما معنى‏:‏ ‏(‏فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان‏)‏‏؟‏

ج4‏:‏ معنى ذلك‏:‏ أن هذه المرأة سمينة، وبسبب هذه السمنة نشأ في بطنها أربع عكن، أي‏:‏ طيات، فإذا رآها إنسان وهي مقبلة رأى أربع طيات في بطنها، وإذا أدبرت رأى من خلفها أطراف الطيات الأربع، عن اليمين أربع وعن اليسار أربع، فكان مجموع المرئي من الخلف ثمان طيات‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

معنى التابعين غير أولي الإربة

السؤال الثاني من الفتوى رقم ‏(‏4802‏)‏‏:‏

س2‏:‏ ما معنى التابعين غير أولي الإربة من الرجال‏؟‏

ج2‏:‏ المراد بغير أولي الإربة‏:‏ من يتبع أهل البيت لطعام ونحوه، ولا حاجة له في النساء؛ لكونه عنينا، أو معترضا، أو أبله ضعيف العقل، لا ينتبه إلى ما يثير الشهوة من زينة أو جمال، أو رجلا كبير السن أضعفه الكبر حتى صار لا هم له في النساء، ونحو ذلك ممن ذهبت حاجتهم إلى النساء لعلة ما من العلل، فأمن جانبهم ولم تخش منهم الفتنة، فللنساء أن يبدين لهم من الزينة ما يجوز لهن أن يبدينها لمحارمهن المذكورين في الآية، ومن في حكمهم من النساء والأطفال الصغار الذين لم يبلغوا مبلغا من الإدراك أن يعرفوا عورات النساء ويتأثروا بها‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة الفرقان

من هم عباد الرحمن وعبيد الرحمن‏؟‏

فتوى رقم ‏(‏8763‏)‏‏:‏

س‏:‏ من هم عباد الرحمن وعبيد الرحمن‏؟‏ وما الحكم فيمن يلقي كلمات دينية في طابور المدرسة وينقلها من بعض الكتب ثم يلقيها على الطلاب، هل يثاب على ذلك‏؟‏ وما منزلته إذا كان يقول ذلك لا رياء ولا تظاهرا، ولكنه يخشى أن يكون من الثلاثة الذين تسعر بهم النار‏؟‏

ج‏:‏ أولا‏:‏ عباد الرحمن وعبيد الرحمن‏:‏ هم المسلمون الموحدون الملتزمون لشرائع الإسلام، وصفات أولئك مذكورة في آخر سورة الفرقان، ابتداء من قول الله سبحانه‏:‏ سورة الفرقان الآية 63 ‏{‏وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا‏}‏ إلى قوله جل شأنه‏:‏ سورة الفرقان الآية 75 ‏{‏أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا‏}‏ سورة الفرقان الآية 76 ‏{‏خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا‏}‏‏.‏

ثانيا‏:‏

اختيار كلمة طيبة من أي كتاب وإلقاؤها على شكل موعظة في مدرسة أو أي اجتماع ويقصد عظة الناس وتعليمهم لا شيء فيه، بل هو حسن إذا كان القصد منه وجه الله سبحانه، وبذلك لا يكون من الثلاثة المتوعدين في الحديث الشريف بالنار‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة القصص

معنى ‏{‏وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ‏}‏

السؤال الأول من الفتوى رقم ‏(‏9878‏)‏‏:‏

س1‏:‏ ما تفسير قوله تعالى‏:‏ سورة البقرة الآية 272 ‏{‏وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ‏}‏‏؟‏

ج1‏:‏ معنى الجملة‏:‏ ولكن الله يوفق من يشاء إلى الخير دون غيره من عباده، حتى الأنبياء، وإنما إليهم هداية الإرشاد والبلاغ، كما قال سبحانه يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم‏:‏ سورة القصص الآية 56 ‏{‏إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ‏}‏ وهذه هي هداية التوفيق‏.‏ والرضا بالحق، أما هداية البلاغ والإرشاد فهي المذكورة بقوله‏:‏ سورة الشورى الآية 52 ‏{‏وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ‏}‏ في آخر سورة الشورى‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

تفسير الآية 24 من سورة القصص

فتوى رقم ‏(‏8556‏)‏‏:‏

س‏:‏ أستفسر عن معنى الآية الكريمة‏:‏ سورة القصص الآية 24 ‏{‏رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير‏}‏‏.‏ وجزاكم الله كل الخير‏.‏

ج‏:‏ معنى ذلك‏:‏ أن موسى عليه الصلاة والسلام لما ساعد المرأتين في سقي غنمهما وانصرفتا إلى أهلهما وتولى هو إلى الظل وأحس بالحاجة دعا ربه أن يقضي حاجته، فقال‏:‏ سورة القصص الآية 24 ‏{‏رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير‏}‏ أي‏:‏ ارزقني ما يسد حاجتي من طعام أو غيره، فيسر الله أمره وجاءته إحدى المرأتين، وقالت له‏:‏ إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا‏.‏‏.‏‏.‏ إلى آخره‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة العنكبوت

تفسير الآية 41 من سورة العنكبوت

السؤال الثاني من الفتوى رقم ‏(‏9136‏)‏‏:‏

س2‏:‏ قال الله تعالى في سورة العنكبوت‏:‏ سورة العنكبوت الآية 41 ‏{‏وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ‏}‏ ما معناها‏؟‏ أفيدونا أفادكم الله وعفا عنكم‏.‏

ج2‏:‏ هذا جزء من الآية التي ضرب الله سبحانه فيها مثلا لاتخاذ المشركين آلهة دون الله يدعونها، ويتعلقون بها، ويرجونها عند الشدائد، ويتوسلون بها، فبين أن من يتعلق بهذه الآلهة الضعيفة كمن يتعلق ببيت العنكبوت في ضعفه ووهنه، وأنها لا تغني عن من استعان بها شيئا‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة الروم

اختلاف ألوان عباد الله

السؤال الرابع من الفتوى رقم ‏(‏145‏)‏‏:‏

س4‏:‏ سبب اختلاف ألوان عباد الله من أحمر إلى أبيض إلى أسود إلى غير ذلك‏؟‏

ج4‏:‏ اختلاف ألوان عباد الله من أبيض إلى أسود إلى أصفر إلى غير ذلك من الألوان آية من آيات الله تبارك وتعالى، قال تعالى‏:‏ سورة الروم الآية 22 ‏{‏وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ‏}‏ فهذا الاختلاف في الألوان من البياض والسواد والحمرة والشكل في الخلق مما لا يكاد يوجد إلا ومعه فارق، وليس هذا الاختلاف من فعل المنطقة ولا من فعل الأبوين، فلا بد من فاعل ينسب له هذا التدبير، فعلم أنه هو الله تبارك وتعالى‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن منيع

تفسير سورة الأحزاب

تفسير الآية 40 من سورة الأحزاب

فتوى رقم ‏(‏7517‏)‏‏:‏

س‏:‏ عندنا مسألة نريد أن تفسرون لنا على أحسن التفاسير؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول‏:‏ سورة النحل الآية 43 ‏{‏فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ‏}‏ وتلك المسألة‏:‏ يقول الله‏:‏ سورة الأحزاب الآية 40 ‏{‏مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ‏}‏ إلى آخر الآية‏؟‏

ج‏:‏ يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية‏:‏ وقوله تعالى‏:‏ سورة الأحزاب الآية 40 ‏{‏مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ‏}‏ نهى أن يقال بعد هذا‏:‏ زيد بن محمد، أي‏:‏ لم يكن أباه، وإن كان قد تبناه، فإنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يعش له ولد ذكر حتى بلغ الحلم، فإنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولد له القاسم والطيب والطاهر من خديجة رضي الله عنها، فماتوا صغارا، وولد له صلى الله عليه وعلى آله وسلم إبراهيم من مارية القبطية فمات أيضا رضيعا، وكان له صلى الله عليه وسلم من خديجة أربع بنات‏:‏ زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهن أجمعين، فمات في حياته صلى الله عليه وسلم ثلاث، وتأخرت فاطمة رضي الله عنها حتى أصيبت به صلى الله عليه وسلم ثم ماتت بعده بستة أشهر، وقوله تعالى‏:‏ سورة الأحزاب الآية 40 ‏{‏وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا‏}‏ كقوله عز وجل‏:‏ سورة الأنعام الآية 124 ‏{‏اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ‏}‏ فهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بالطريق الأولى والأحرى؛ لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإن كل رسول نبي ولا ينعكس، وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، قال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا أبو عامر الأزدي حدثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ قال‏:‏ سنن الترمذي المناقب ‏(‏3613‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏5/137‏)‏‏.‏ مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا فأحسنها وأكملها وترك فيها موضع لبنة لم يضعها، فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه، ويقولون‏:‏ لو تم موضع هذه اللبنة، فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة رواه الترمذي عن بندار عن أبي عامر العقدي به، وقال‏:‏ حسن صحيح أحمد ‏(‏5/ 117‏)‏ و ‏(‏3/ 361‏)‏، والبخاري ‏[‏فتح الباري‏]‏ برقم ‏(‏3534، 3535‏)‏، والترمذي برقم ‏(‏3617‏)‏‏.‏ وذكر بعد ذلك عدة أحاديث في الموضوع، وبإمكانك أيضا مراجعة ‏[‏تفسير ابن جرير والقرطبي ‏]‏ ونحوهما إذا رغبت في التوسع‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة يس

تلاوة سور بعينها يوميا

فتوى رقم ‏(‏11456‏)‏‏:‏

س‏:‏ هل ثبت بالسنة الصحيحة تلاوة هذه السور يوميا ‏(‏يس- الدخان- الواقعة- الملك‏)‏‏؟‏

ج‏:‏ إننا لا نعلم في السنة ما يدل على قراءة السور المذكورة في السؤال يوميا، لكن المشروع للمسلم الإكثار من قراءة القرآن جميعه‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

تفسير الآية 70 من سورة يس

السؤال الرابع من الفتوى رقم ‏(‏4802‏)‏‏:‏

س4‏:‏ قال تعالى‏:‏ سورة يس الآية 70 ‏{‏لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ‏}‏ أرجو تفسير هذه الآية تفسيرا واضحا‏.‏

ج4‏:‏ قال الله تعالى‏:‏ سورة يس الآية 69 ‏{‏وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِين‏}‏ سورة يس الآية 70 ‏{‏لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ‏}‏‏.‏

ومعنى الآيتين‏:‏ أن الكفار لما اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه شاعر، وقالوا‏:‏ إن القرآن شعر‏.‏

رد الله مقالتهم بأنه ما علم نبيه الشعر ولا أوحاه إليه، وبين سبحانه أنه لا ينبغي له أن يكون شاعرا ولا يليق به ذلك؛ لأنه الصادق الأمين وإمام المهتدين، جاء أمته بالحق والهدى والنور، أما الشعراء فهم في كل واد يهيمون، وأتباعهم هم الغاوون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فشتان بينه وبين الشعراء في الأخلاق والطباع، ثم بين تعالى أن ما أوحاه إليه ليس شعرا، بل لا نسب بينه وبين الشعر في أسلوبه ونظمه، ولا في معناه صدقا وهداية وموعظة وذكرى لمن ألقى إليه سمعه، وفتح له قلبه، فكان له نورا ورشادا، وفوزا وسعادة، فقال سبحانه‏:‏ سورة يس الآية 69 ‏{‏إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِين‏}‏ سورة يس الآية 70 ‏{‏لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا‏}‏ الآية، أي‏:‏ لينذر الرسول صلى الله عليه وسلم بالقرآن كل من كان حيا من الإنس والجن، ويخوفه عواقب الإعراض عن الإيمان به، ويحق القول‏:‏ أي كلمة العذاب على من كفر بالله وبرسوله وما جاء في القرآن الكريم‏.‏

وفي هاتين الآيتين‏:‏ رد على الكفار في اتهامهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه شاعر، وزعمهم أن القرآن شعر، وبيان لعلو قدره صلى الله عليه وسلم وقدر القرآن، وبيان لعموم رسالته صلى الله عليه وسلم الثقلين‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة الصافات- الحكمة في أمر الله إبراهيم بذبح ابنه-

تفسير سورة الصافات

الحكمة في أمر الله إبراهيم بذبح ابنه

السؤال الثالث من الفتوى رقم ‏(‏10806‏)‏‏:‏

س3‏:‏ ما الحكمة في أمر الله إبراهيم بذبح ابنه قرة عينه إسماعيل‏؟‏

ج3‏:‏ أمره بذبحه؛ ابتلاء وامتحانا له في إخلاصه العبودية والمحبة لربه، وليرفعه عنده تعالى درجات إذا وفى، وقد وفى عليه الصلاة والسلام، قال تعالى‏:‏ سورة البقرة الآية 124 ‏{‏وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا‏}‏ الآية‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

الذبيح من ولدي إبراهيم عليه السلام

فتوى رقم ‏(‏4797‏)‏‏:‏

س‏:‏ شخص اعتنق الإسلام عام 1974م وهو متزوج، ويريد أن يعرف، من الذي أمر الله تعالى خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بذبحه، أهو ولده إسماعيل أو ولده إسحاق عليهما الصلاة والسلام‏؟‏

ج‏:‏ إن من سنة الله تعالى أن يبتلي عباده؛ ليميز الخبيث من الطيب، ويرفع من شاء من أنبيائه وأوليائه ما شاء، وليمحص الذين آمنوا ويمحق الكافرين، وممن تابع الله تعالى عليهم الابتلاء خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فكان مثال الكمال في الوفاء في جميع ما ابتلاه ربه به، قال الله تعالى‏:‏ سورة البقرة الآية 124 ‏{‏وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ‏}‏ وأثنى عليه تعالى بقوله‏:‏ سورة النجم الآية 37 ‏{‏وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى‏}‏‏.‏

وكان مما ابتلاه الله به أن أراه في المنام أنه يذبح ولده، ورؤيا الأنبياء حق، فعزم إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام على تحقيق رؤياه؛ امتثالا لأمر ربه ووفاء له، وعرض ذلك على ابنه فاستجاب له، فلما أسلما وجههما لله، وبذل إبراهيم ما في وسعه من أسباب الذبح العادية، أكرمه الله وولده وفدى الذبيح بذبح عظيم، وخلد لخليله ثناء عاطرا مدى الدهر، وبشره بإسحاق نبيا من الصالحين، وبارك عليه وعلى إسحاق عليهما السلام، قال الله تعالى‏:‏ سورة الصافات الآية 99 ‏{‏وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ‏}‏ سورة الصافات الآية 100 ‏{‏رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ‏}‏ سورة الصافات الآية 101 ‏{‏فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ‏}‏ سورة الصافات الآية 102 ‏{‏فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ‏}‏ سورة الصافات الآية 103 ‏{‏فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ‏}‏ سورة الصافات الآية 104 ‏{‏وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ‏}‏ سورة الصافات الآية 105 ‏{‏قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ‏}‏ سورة الصافات الآية 106 ‏{‏إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ‏}‏ سورة الصافات الآية 107 ‏{‏وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ‏}‏ سورة الصافات الآية 108 ‏{‏وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ‏}‏ سورة الصافات الآية 109 ‏{‏سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ‏}‏ سورة الصافات الآية 110 ‏{‏كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ‏}‏ سورة الصافات الآية 111 ‏{‏إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ سورة الصافات الآية 112 ‏{‏وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ‏}‏ سورة الصافات الآية 113 ‏{‏وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ‏}‏‏.‏

هذا صفوة ما يتصل بشأن الذبيح من قصة أبيه إبراهيم الخليل عليه السلام، وكان للخليل ولدان‏:‏ إسماعيل، وإسحاق، فأيهما كان الذبيح إسماعيل أم إسحاق عليهما السلام‏؟‏ لم يرد في ذلك نص صحيح صريح بتسميته أو تعيينه بوجه ما يقطع النزاع؛ ولذا اختلف أهل السير والتاريخ والتفسير في تعيينه، فقال جماعة منهم‏:‏ إنه إسماعيل؛ لأنه هو الذي ولد له بعد ذهابه عن قومه إلى الشام، وكان وحيده إذ ذاك، وهو الذي كان بمكة وهي مكان الواقعة، وقد وصفه الله بالحلم والصبر، أضف إلى أن قصة الذبيح قد بدأت بالبشرى بغلام حليم، وختمت بالبشرى بإسحاق، فكان غير الذبيح الذي بدأت به القصة، والراجح أنه إسماعيل؛ لما تقدم من الأدلة‏.‏

وقال كثير من أهل الديانات والسير والتاريخ‏:‏ إنه إسحاق؛ لأنه هو الذي بشر به إبراهيم وسارة بعد اعتزال إبراهيم أباه وقومه، كما في سورة مريم وهودوالحجر والذاريات، فليكن هو المراد بالغلام الحليم المبشر به في سورة الصافات وإذن يكون هو الذبيح‏.‏

والخطب في ذلك سهل، إذ المسألة اجتهادية في أمر معرفته غير ضرورية ولا يترتب على الجهل بها خطر في العقيدة، ولا أثر لها في حياة الناس العملية، فأي ابني إبراهيم كان الذبيح كان فيه وفي أبيه العبرة، وبهما تكون القدوة في الصبر على البلاء، وإيثار طاعة الله تعالى، ولو كان في ذلك ذهاب أحب شيء إلى الإنسان حتى النفس، ولا يشين ذلك من لم يكن الذبيح، ولا ينقص من قدره كما لم ينقص كثيرا من الأنبياء والمرسلين أنهم لم يحصل لهم مثل ذلك، فالمزية بعينها تدل على الفضيلة، لكنها لا تدل على الأفضلية‏.‏

وإنما خاض في ذلك جماعة من الباحثين بدافع حب الاستطلاع وشهوة حب البحث، ولم يكن في الموضوع نص صحيح صريح كما تقدم، فاختلفوا عن اجتهاد وحسن نية أو عن عصبية وسوء طوية‏.‏

والصواب‏:‏ أنه إسماعيل كما تقدم؛ لأنه الأظهر من الآيات القرآنية، ولا سيما الآيات من سورة الصافات التي سبق ذكرها‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة ص

قوة نبي الله سليمان وطوافه على تسعين امرأة

فتوى رقم ‏(‏3400‏)‏‏:‏

س‏:‏ حدثنا خالد بن مخلد، ثنا مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ قال سليمان بن داود‏:‏ صحيح البخاري أحاديث الأنبياء ‏(‏3242‏)‏، صحيح مسلم الأيمان ‏(‏1654‏)‏، سنن النسائي الأيمان والنذور ‏(‏3831‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏2/506‏)‏‏.‏ لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه‏:‏ قل‏:‏ إن شاء الله، فلم يقل، ولم تحمل شيئا إلا واحدا ساقطا أحد شقيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ لو قالها لجاهدوا في سبيل الله، قال شعيب وابن أبي الزناد‏:‏ تسعين وهو أصح- ‏[‏صحيح البخاري ‏]‏ كتاب الأنبياء المجلد الأول الجزء 13 الصفحة 486، مطبوعة الدلهي باب سورة ص الآية 17 ‏{‏وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ‏}‏‏.‏

قد روي هذا الحديث بطرق متعددة وإسناده كله صحيح وجيد وعدد الأزواج فيه مختلف ‏(‏ستون 60، سبعون 70، تسع وتسعون 99، مائة 100‏)‏ ولا ريب في صحة هذا الحديث باعتبار الرواة والإسناد، ولكن مفهوم الحديث خلاف للعقل والشعور صريحا، ومفهومه يعلن ويجهر أن النبي صلى الله عليه وسلم ما قال هكذا كما نقل الراوي، بل ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من أباطيل وخرافات اليهود مثالا، وفهم الراوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله بيانا واقعيا؛ لأن كل إنسان إن حاسب في نفسه فوضح عليه أن فرض عدد الأزواج ستون 60، إن باشرهن سليمان عليه السلام في ساعة 6 أزواج باشرهن كل الليل بغير توقف متواليا عشر ساعة، فهل هذا ممكن عقلا‏؟‏

ج‏:‏ أولا‏:‏ الحديث المضطرب‏:‏ هو الذي روي من طرق مختلفة متساوية في القوة، ولم يمكنه الجمع بينهما، أما إن كان بعضها أقوى أو أمكن الجمع فلا اضطراب، وعلى هذا فلا يعتبر الاختلاف في عدد النساء في الحديث المسؤول عنه اضطرابا يرد به الحديت لأمرين‏:‏ ‏(‏/ 221‏)‏ رجحان الرواية التي ذكر فيها أن عددهن تسعون، فقد قال البخاري في صحيحه‏:‏ قال شعيب وأبو الزناد‏:‏ تسعين، وهو أصح‏.‏ البخاري ‏[‏فتح الباري‏]‏ برقم ‏(‏3424‏)‏، ومسلم برقم ‏(‏1654‏)‏‏.‏ ‏(‏/ 222‏)‏ إمكان الجمع بين هذه الروايات، وقد ذهب إلى ذلك ابن حجر رحمه الله في كتابته على هذا الحديث في الباب الذي ذكرته في السؤال، قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏فمحصل الروايات ستون وسبعون وتسعون وتسع وتسعون ومائة، والجمع بينها أن الستين كن حرائر، وما زاد عليهن كن سراري أو بالعكس، وأما السبعون فللمبالغة، وأما التسعون والمائة فكن دون المائة وفوق التسعين، فمن قال‏:‏ تسعون، ألغى الكسر، ومن قال‏:‏ مائة، جبره، ومن ثم وقع التردد في رواية جعفر‏)‏‏.‏ اهـ ‏[‏فتح الباري‏]‏ ‏(‏6/ 460‏)‏‏.‏ بنصه‏.‏‏.‏‏.‏

ثانيا‏:‏ دعوى مخالفة هذا الحديث للعقل الصريح دعوى باطلة؛ لبنائها على قياس الناس بعضهم على بعض في الصحة، وقوة البدن، والقدرة على الجماع، وسرعة الإنزال وبطئه، وهو قياس فاسد لشهادة الواقع بتفاوتهم فيما ذكر وفي غيره وخاصة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالنسبة لغيرهم، فقد أوتوا من قوة البدن والقدرة على الجماع مع كمال العفة وضبط النفس، وكبح جماح الشهوة ما لم يؤت غيرهم، فكانت العفة وصيانة الفرج عن قضاء الوطر في الحرام مع القدرة على الجماع وقوة دواعيه معجزة لهم عليهم الصلاة والسلام، وكان من السهل على أحدهم أن يطأ عشر نسوة في ساعة ومائة امرأة في عشر ساعات أو أقل، لتحقق الاختصاص بالقوة، وإمكان الإنزال في خمس دقائق أو أقل منها، وقد ذكر ابن حجر رحمه الله تعالى نحوا من هذا في شرح هذا الحديث، وبيان ما يستنبط منه- قال‏:‏ ‏(‏وفيه ما خص به الأنبياء من القوة على الجماع الدال ذلك على صحة البنية وقوة الفحولية وكمال الرجولية مع ما هم فيه من الاشتغال بالعبادة والعلوم، وقد وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أبلغ المعجزة؛ لأنه مع اشتغاله بعبادة ربه وعلومه ومعالجة الخلق كان متقللا من المآكل والمشارب المقتضية لضعف البدن على كثرة الجماع، ومع ذلك فكان يطوف على نسائه في ليلة بغسل واحد، وهن إحدى عشرة امرأة، وقد تقدم في كتاب الغسل، ويقال‏:‏ إن كل من اتقى الله فشهوته أشد؛ لأن الذي لا يتقي يتفرج بالنظر ونحوه‏)‏‏.‏‏.‏

ثالثا‏:‏ إنه قد ثبت أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم أنصح الخلق لأمته وأنه أوتي جوامع الكلام والبلاغ المبين، وكمال الفصاحة في التعبير، فلم يكن ليلبس على أمته في كلامه عن غش وخديعة، ولا ليعمي في قوله لعي في لسانه أو عجز عن البيان، ولم يكن راوي هذا الحديث عنه وهو عربي قح ليخفى عليه ما حكاه صلى الله عليه وسلم صريحا عن نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام من قوله‏:‏ لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله، وأنه لم يقل‏:‏ إن شاء الله، وتأكيد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله‏:‏ صحيح البخاري أحاديث الأنبياء ‏(‏3242‏)‏، صحيح مسلم الأيمان ‏(‏1654‏)‏، سنن النسائي الأيمان والنذور ‏(‏3831‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏2/506‏)‏‏.‏ لو قالها لجاهدوا في سبيل الله فرسانا ولم يحنث، فمن زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك على أنه مثال من أباطيل اليهود وخرافاتهم، وأن الصحابي توهم أنه صلى الله عليه وسلم ذكره بيانا لواقع وخبرا عن حقيقة- من زعم ذلك فقد اتبع هواه ووهمه الكاذب، وحرف معنى الحديث المقصود منه، وطعن في الصحابي، وظن برسول الله صلى الله عليه وسلم الظنون؛ اتباعا لخياله الخاطئ في الحكم بمخالفة معنى هذا الحديث الصريح للعقل انظر تفسير محمد الأمين الشنقيطي ‏[‏أضواء البيان‏]‏ ‏(‏7/ 24‏)‏‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

قصة داود عليه السلام مع امرأة قائده

السؤال الأول من الفتوى رقم ‏(‏8257‏)‏‏:‏

س1‏:‏ قرأت ‏[‏تفسير الجلالين‏]‏ عن الآية ‏(‏20‏)‏ وقصتها تنتهي من سورة ‏(‏ص‏)‏ بآية ‏(‏25‏)‏ التي تروي قصة سيدنا داود إذ كان في المحراب‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ القصة، فأنت تعرفها بالتأكيد وما قاله ‏[‏تفسير الجلالين‏]‏‏:‏ أن سيدنا داود كان له تسع وتسعون امرأة فأحب زوجة صاحبه فتزوجها، وهذه أعتقد أنها دسيسة إسرائيلية، طبعا ليس هذا المقصود بتفسير الآية، إذ فيها امتحان لسيدنا داود، وابتلاء لمدى دقته في حكمه، فسمع هو لشخص دون الآخر، وهذا خطؤه عليه السلام، أرجو إفادتي بشكل واضح عن هذه الآية، وإذا كان ما يقوله ‏[‏تفسير الجلالين‏]‏ خطأ، فلماذا السكوت عليه‏؟‏ جزاكم الله عنا كل خير‏.‏

ج1‏:‏ ما يذكره كثير من المفسرين عن قصة داود عليه السلام

في عشق امرأة قائد الجند غير صحيح، وقد أشار الشيخ الشنقيطي رحمه الله في ‏[‏أضواء البيان‏]‏ إلى أن ما يذكر عن نبي الله داود عليه وعلى نبينا السلام مما لا يليق بمنصبه، كله راجع إلى الإسرائيليات، فلا ثقة به ولا معول عليه، وما جاء مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك لا يصح شيء منه، وننصحك بالرجوع إلى الكتاب المذكور ‏[‏أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن‏]‏ ففيه تفصيل عن الموضوع‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة فصلت

عدد أيام خلق السماوات والأرض

السؤال الأول من الفتوى رقم ‏(‏7994‏)‏‏:‏

س1‏:‏ يقول عز وجل في كتابه الكريم‏:‏ سورة السجدة الآية 4 ‏{‏اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ‏}‏ سورة السجدة، هذه الآية ورد كثير في القرآن آيات مثلها، ثم ذكر تبارك وتعالى آية غيرها يقول‏:‏ سورة فصلت الآية 9 ‏{‏قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ‏}‏ سورة فصلت الآية 10 ‏{‏وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ‏}‏ سورة فصلت الآية 11 ‏{‏ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ‏}‏ سورة فصلت الآية 12 ‏{‏فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ‏}‏ سورة فصلت، فما علاقة الآية الأولى والثانية في خلق السماوات والأرض في ستة أيام وثمانية أيام‏؟‏

ج1‏:‏ ليس في الآيات المذكورات في سورة فصلت ثمانية أيام، وإنما الذي فيها ستة أيام، فتأمل ذلك يتضح لك الأمر إن شاء الله، وراجع ‏[‏تفسير ابن كثير ‏]‏ في الموضوع يزل عنك الإشكال بإذن الله‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة الدخان

أحاديث فضائل سورة الدخان

السؤال الأول من الفتوى رقم ‏(‏9893‏)‏‏:‏

س1‏:‏ ما مدى صحة هذا الحديث ‏"‏من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك‏"‏‏؟‏

ج1‏:‏ هذا الحديث رواه الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حديث ضعيف، كما ذكر جلال الدين السيوطي في ‏[‏الجامع الصغير‏]‏، وذكره ابن الجوزي في ‏[‏الموضوعات‏]‏؛ لأن فيه عمر بن راشد بن شجرة، وقد ضعفه أحمد ويحيى بن معين وأبو داود وغيرهم الترمذي برقم ‏(‏2890‏)‏، و ‏[‏الموضوعات‏]‏ لابن الجوزي ‏(‏1/ 248‏)‏‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

شجرة الزقوم

السؤال الخامس من الفتوى رقم ‏(‏1777‏)‏‏:‏

س5‏:‏ أرجو إخباري عن شجرة الزقوم‏؟‏

ج5‏:‏ ذكر الله شجرة الزقوم في سورة الدخان بقوله تعالى‏:‏ سورة الدخان الآية 43 ‏{‏إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ‏}‏ سورة الدخان الآية 44 ‏{‏طَعَامُ الْأَثِيمِ‏}‏ وفي سورة الإسراء بقوله تعالى‏:‏ سورة الإسراء الآية 60 ‏{‏وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ‏}‏ وفي سورة الصافات يقول سبحانه‏:‏ سورة الصافات الآية 62 ‏{‏أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ‏}‏ سورة الصافات الآية 63 ‏{‏إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ‏}‏ سورة الصافات الآية 64 ‏{‏إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ‏}‏ سورة الصافات الآية 65 ‏{‏طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ‏}‏‏.‏

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره على آية الإسراء‏:‏ ‏(‏وأما الشجرة الملعونة‏)‏‏:‏ فهي شجرة الزقوم، كما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى أحمد ‏(‏1/ 374‏)‏‏.‏ الجنة والنار، ورأى شجرة الزقوم، فكذبوا بذلك، حتى قال أبو جهل عليه لعائن الله‏:‏ هاتوا لنا تمرا وزبدا، وجعل يأكل من هذا ويقول‏:‏ تزقموا فلا نعلم الزقوم غير هذا، حكى ذلك ابن عباس ومسروق وأبو مالك والحسن البصري وغير واحد‏.‏ اه‏.‏

وأما العلم بعين الشجرة فلا يترتب عليه أمر عملي، بل الواجب التصديق والتسليم بما أخبر الله به عنها في القرآن، وما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

ما هي الليلة المباركة في سورة الدخان

فتوى رقم ‏(‏2122‏)‏‏:‏

س‏:‏ قال الله تعالى‏:‏ سورة الدخان الآية 1 ‏{‏حم‏}‏ سورة الدخان الآية 2 ‏{‏وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ‏}‏ سورة الدخان الآية 3 ‏{‏إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ‏}‏ قرأت في ‏[‏تفسير الجلالين‏]‏ لجلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي تفسير قوله تعالى‏:‏ سورة الدخان الآية 3 ‏{‏إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ‏}‏ إنها هي ليلة القدر، أو ليلة النصف من شعبان، نزل فيها من أم الكتاب من السماء السابعة إلى السماء الدنيا، وسألت كثيرا من المشايخ وأفادوني بأن ليلة القدر في رمضان، فأرجو توضيح تفسير هذه الآية، حفظكم الله‏.‏

ج‏:‏ أقسم الله جل شأنه بكتابه العزيز الذي هو آيته التي آتاها محمدا صلى الله عليه وسلم؛ لتكون معجزة وحجة له على رسالته، أنه أنزل عليه القرآن الكريم في ليلة مباركة كثيرة الخير، وهي ليلة القدر، كما قال تعالى‏:‏ سورة القدر الآية 1 ‏{‏إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ‏}‏ سورة القدر الآية 2 ‏{‏وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ‏}‏ سورة القدر الآية 3 ‏{‏لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ‏}‏ إلى آخر السورة، وهي في شهر رمضان؛ لقوله تعالى‏:‏ سورة البقرة الآية 185 ‏{‏شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ‏}‏ ومن قال‏:‏ إنها ليلة النصف من شعبان فقد أخطأ وأبعد النجعة؛ لمخالفته لنصوص القرآن والأحاديث النبوية الثابتة التي بينتها وعينت شهرها وسمتها باسمها، وليس مع من قال‏:‏ إنها ليلة النصف من شعبان دليل من الكتاب أو السنة الثابتة يعتمد عليه في تفسير الليلة المباركة بذلك، وليست المسألة عقلية حتى يقال فيها بالرأي أو يعتمد فيها على الأدلة العقلية، وإنما هي سمعية يعتمد فيها على النقولمن الكتاب والسنة الثابتة، ثم بين سبحانه سنته العادلة ورحمته الشاملة في عباده بقوله‏:‏ سورة الدخان الآية 3 ‏{‏إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ‏}‏ أي‏:‏ مرسلين رسلا يبلغون عن الله شريعته وهدايته لهم، ويخوفونهم عاقبة مخالفة أوامره ونواهيه؛ إقامة لعدله وإسقاطا لمعاذير خلقه، ورحمة منه بعباده، كما قال تعالى‏:‏ سورة النساء الآية 165 ‏{‏رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا‏}‏ وكما قال‏:‏ سورة الأنعام الآية 131 ‏{‏ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ‏}‏‏.‏

وقال‏:‏ سورة الإسراء الآية 15 ‏{‏مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا‏}‏‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

تفسير سورة النجم

بطلان قصة الغرانيق

فتوى رقم ‏(‏1546‏)‏‏:‏

س‏:‏ جاء في ‏[‏مختصر سيرة الرسول‏]‏ صلى الله عليه وسلم هذا النص‏:‏ ‏(‏ومما وقع أيضا قصته صلى الله عليه وسلم معهم لما قرأ سورة النجم بحضرتهم، فلما وصل إلى قوله تعالى‏:‏ سورة النجم الآية 19 ‏{‏أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى‏}‏ سورة النجم الآية 20 ‏{‏وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى‏}‏ ألقى الشيطان في تلاوته‏:‏ تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى، وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، ففرحوا بذلك فرحا شديدا‏)‏، فهل هذه الرواية صحيحة‏؟‏ وعلى فرض صحتها، هل للشيطان سلطة أن يلقي في تلاوته تلك الكلمات التي مر ذكرها‏؟‏ أرجو إفادتي مع جزيل الشكر‏.‏

ج‏:‏ قصة الغرانيق ذكرها كثير من علماء التفسير عند تفسيرهم قوله تعالى‏:‏ سورة الحج الآية 52 ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ‏}‏ الآيات من سورة الحج، وعند تفسيرهم قوله تعالى‏:‏ سورة النجم الآية 19 ‏{‏أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى‏}‏ سورة النجم الآية 20 ‏{‏وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى‏}‏ الآيات من سورة النجم، ورووها من طرق عدة بألفاظ مختلفة، غير أنها كلها رويت من طرق مرسلة، ولم ترد مسندة من طرق صحيحة، كما قال ذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره، فإنه لما ساق هذه القصة بطرقها قال بعدها‏:‏ ‏(‏وكلها مرسلات ومنقطعات‏)‏ ‏[‏تفسير ابن كثير‏]‏ ‏(‏5/ 440‏)‏ ‏(‏ط الشعب‏)‏‏.‏ اه‏.‏

وقال ابن خزيمة‏:‏ إن هذه القصة من وضع الزنادقة، اهـ‏.‏ واستنكرها أيضا أبو بكر بن العربي والقاضي عياض وآخرون سندا ومتنا، أما السند فبما تقدم،وأما المتن فبما ذكره ابن العربي من أن الله تعالى إذا أرسل الملك إلى رسوله خلق فية العلم بأن من يوحى إليه هو الملك، فلا يمكن أن يلقي الشيطان على لسانه شيئا يلتبس عليه فيتلوه على أنه قرآن ‏[‏أحكام القرآن‏]‏ ‏(‏3/ 1300‏)‏‏.‏ وللإجماع على عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم من الشرك فيمتنع أن يتكلم بكلمة‏:‏ ‏(‏تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى‏)‏ سهوا أو ظنا منه أنها قرآن، ولأنه يستحيل أن يؤثر الرسول صلى الله عليه وسلم صلة قومه؛ ورضاهم على صلة ربه ورضاه، فيتمنى ألا ينزل الله عليه ما يغضب قومه حرصا منه على رضاهم، ثم ما استدل به على ثبوت القصة من قوله تعالى‏:‏ سورة الإسراء الآية 73 ‏{‏وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ‏}‏ لا يدل على صحتها، بل يدل على براءة النبي صلى الله عليه وسلم مما نسب إليه من تلاوة هذه الكلمة الشركية؛ لأنها تفيد النفي لا الإثبات، ولأنها تفيد أن الشيطان ألقى في أمنيته‏:‏ أي تلاوته، وليس فيها أن الشيطان ألقى على لسانه تلك الكلمات الشركية، أو ألقاها في نفسه فتلاها أو قرأها أو تكلم بها سهوا أو غلطا أو قصدا حتى جاء جبريل وأنكر عليه وأصلح له ما أخطأ فيه، وأسف صلى الله عليه وسلم أسفا شديدا على ما فرط منه، ولم يثبت أن الآية نزلت تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم فيما أصيب به مما ذكر في هذه القصة حتى يكون مساعدا على تأويلها بما جاء فيها من المنكرات‏.‏

وقد وافق جمهور أهل السنة ابن العربي فيما ذكره، وذكروا أن معنى الآية‏:‏ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تلا ما أنزلنا عليه من الوحي أو تكلم به ألقى شيطان الإنس أو الجن أثناء تلاوته أو خلال حديثه وكلامه قولا يتكلم به الشيطان ويسمعه الحاضرون، أو يوسوس الشيطان وساوس يلقيها في نفوس الكفار ومرضى القلوب من المنافقين فيحسبها أولئك من الوحي وليست منه، فيبطل الله ما ألقى الشيطان من القول أو الشبه والوسوسة ويزيله، ويحق الحق بكلماته لكمال علمه، وبالغ حكمته، وهذه سنة الله مع رسله وأنبيائه وأعدائه وأعدائهم، ليتم معنى الابتلاء والامتحان ويميز الخبيث من الطيب، ليهلك من هلك بما ألقى الشيطان من الكفار ومرضى القلوب، ويحيى من حي عن بينة من أهل العلم واليقين الذين اطمأنت قلوبهم بالإيمان وهدوا إلى صراط مستقيم‏.‏

ومما تقدم يتبين أن روايات قصة الغرانيق ليست صحيحة، وأنه ليس للشيطان سلطان أن يلقي على لسان النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من الباطل فيتلوه أويتكلم به، وربما ألقى الشيطان قولا أثناء تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم به الشيطان ويسمعه الحاضرون أو يوسوس الشيطان وساوس يلقيها في نفوسالكفار ومرضى القلوب من المنافقين فيحسبها أولئك من الوحي وليست منه، فيبطل الله ذلك القول الشيطاني، ويزيل الشبه ويحكم آياته، ويتبين أيضا أن ما قاله الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هو قول جمهور العلماء، من أن الشيطان ألقى قولا أو وسوسة أثناء التلاوة، ولكنها ليست على لسان النبي صلى الله عليه وسلم ولا في نفسه ولا في نفس من صدق في إيمانه به، إنما ذلكم إلقاء من الشيطان أثناء التلاوة في أسماع الكفار، أو حديث نفس وقع في أسماعهم وقلوبهم فحسبوه قرآنا متلوا، وتأبى حكمة الله إلا أن يزيل الباطل ويحكم آياته؛ إحقاقا للحق، ورحمة بالعباد والله عليم حكيم، وقد أجمع علماء الإسلام كلهم على عصمة الرسل جميعا في كل ما يبلغونه عن الله عز وجل‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة الرحمن

تلاوة المولى سورة الرحمن على أهل الجنة

السؤال السادس من الفتوى رقم ‏(‏7458‏)‏‏:‏

س6‏:‏ هل صحيح أننا سنسمع ربنا يتلو علينا في الجنة- إن شاء الله- سورة الرحمن‏؟‏

ج6‏:‏ ليس ذلك بصحيح فيما نعلم‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

المراد بالمشرقين والمغربين

السؤال الثامن من الفتوى رقم ‏(‏6898‏)‏‏:‏

س8‏:‏ ما تفسير قوله تعالى‏:‏ سورة الرحمن الآية 17 ‏{‏رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ‏}‏ وقوله‏:‏ سورة الشعراء الآية 28 ‏{‏رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ‏}‏ وقوله تعالى‏:‏ سورة المعارج الآية 40 ‏{‏بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ‏}‏‏؟‏

ج8‏:‏ المراد بالمشرقين والمغربين في الآية الأولى‏:‏ مطلع الشمس جنوب خط الاستواء وشماله، ومغربها جنوبه وشماله، والمراد بالمشرق والمغرب في الآية الثانية‏:‏ جهة الشرق وجهة الغرب اللتان تنتقل الشمس فيهما طلوعا وغروبا على مدى الفصول، والمراد بالمشارق والمغارب في الآية الثالثة‏:‏ مطالع الشمس ومغاربها كل يوم شرقا وغربا، وبذلك تجتمع النصوص‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة الحديد

البدعة التي ابتدعها النصارى

فتوى رقم ‏(‏5961‏)‏‏:‏

س‏:‏ قال الله تعالى‏:‏ سورة الحديد الآية 27 ‏{‏ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ‏}‏ ما المراد بالبدع في الآية الكريمة وحكم رعايتها‏؟‏ ومن كتب على نفسه أن يستغفر الله وأن يحمد الله والصلاة القائمة وكل ذلك مائة مرة صباحا ومساء، ولم يلتزم به بعد ذلك‏؟‏

ج‏:‏ أولا‏:‏ المراد بالبدعة في هذه الآية‏:‏ الرهبانية، وهي الانقطاع لعبادة الله واعتزال الناس؛ ابتغاء التقرب إلى الله تعالى وطلبها لرضاه سبحانه بالمبالغة في طاعته، سواء كان هذا الانقطاع بلزوم الجبال أو الكنائس أو البيع والصوامع أو غير ذلك، وهذه البدعة لم يكتبها الله عليهم ولم يشرعها لهم، بل هم الذين أحدثوها من عند أنفسهم؛ رجاء رضوان الله في زعمهم، شأنهم في ذلك شأن من سلك سبيلهم من مبتدعة هذه الأمة، فإنهم ابتدعوا في الإسلام بدعا لم يأذن بها الله، كاجتماعهم لذكر الله صفوفا أو حلقات مع الترنح والتمايل يمنة ويسرة ومن أعلى لأسفل بأصوات مرتفعة وصياح وعويل ممن يسمونهم ‏(‏المجاذيب‏)‏، وكبدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وموالد الصالحين؛ رجاء الثواب من الله تعالى بتعظيم الأنبياء والصالحين بهذه الاحتفالات، إلى أمثال ذلك من الاحتفالات التي لم يشرعها لعباده‏.‏

ثانيا‏:‏ هؤلاء الذين ابتدعوا الرهبانية لم يراعوا هذه الرهبانية، أي‏:‏ أنهم قصروا على مدى الأيام في العمل بما ابتدعوا تقربا إلى الله في زعمهم، فأنكر الله عليهم ابتداعهم في دين الله ما لم يأذن به وعدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة تقربهم إلى الله عز وجل، ولو كانوا تركوها إنكارا لها ورجوعا إلى الحق لأثيبوا على تركها‏.‏‏.‏

ثالثا‏:‏ من كتب على نفسه عبادة مشروعة لكنها غير مفروضة وأداها على الكيفية التي شرعت عليها عددا ووقتا مطلقة أو مقيدة فقد أحسن، وليس هذا ببدعة في الإسلام؛ لأنه مشروع بأصله وكيفيته، ومثاله التزام عبد الله بن عمرو بن العاص التهجد وصيام يوم وإفطار يوم، ومداومته على ذلك رضي الله عنه حتى ضعف، ولما أشير عليه بالتخفيف عن نفسه قال‏:‏ ما كنت لأترك شيئا فعلته زمن النبي أحمد ‏(‏4/ 200‏)‏، والبخاري ‏[‏فتح الباري‏]‏ برقم ‏(‏1975‏)‏، ومسلم برقم ‏(‏1159‏)‏، وأبو داود برقم ‏(‏2427‏)‏‏.‏ صلى الله عليه وسلم فمن وفى بما التزم مما شرع الله فقد أحسن، ومن ترك شيئا من ذلك لضعف فقد أخذ بالرخصة ولا حرج عليه، ومن تركه تهاونا وكسلا فقد ارتكب خلاف الأولى‏.‏ أما من كتب على نفسه عملا لم يشرعه الله أصلا؛ كالاحتفال بعيد الميلاد، وبأول العام الهجري، وبالموالد ونحو ذلك، أو التزام ما شرع الله أصله لكن كان فعله له على غير الكيفية التي شرعه الله عليها- فالتزامه بدعة منكرة؛ لمخالفته الكيفية التي شرع الله عليها العبادة، مثاله‏:‏ ما تقدم من الذكر جماعة بصوت واحد مرتفع‏.‏‏.‏‏.‏ إلى آخره، فإن الله لم يشرعه بهذه الكيفية، ولا ذكره رسوله صلى الله عليه وسلم بهذه الكيفية، ولا عملها أصحابه رضي الله عنهم ولا عملوا بها، ولو كان فيها خير لشرعها الله ولعمل بها رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ولو فعلوا لنقل إلينا نقلا ثابتا فدل ذلك على أنها من البدع المحدثة التي يجب اجتنابها‏.‏ ومن هذا يتبين أنه ليس للإنسان أن يكتب على نفسه عددا محدودا في كل من الاستغفار وحمد الله، وليس له أن يخص الذكر بذلك بزمن معين، بل يحرص على الذكر بذلك وبغيره مما ثبت الذكر به بما يتيسر من العدد في أي وقت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقيد ذلك بمائة مرة ولا بخصوص الصباح والمساء، ومن رجع عن هذا الالتزام؛ اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم في التقرب إلى الله بما ذكر من غير تحديد عدد أو زمان فهو مأجور‏.‏ أما ما ورد من الأذكار محددا بعدد أو وقت أو كيفية فيؤدى كما ورد‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة المجادلة

معنى الولاء والبراء

فتوى رقم ‏(‏1851‏)‏‏:‏

س‏:‏ فسروا لنا هذه الآية‏:‏ سورة المجادلة الآية 22 ‏{‏لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ‏}‏ إلى آخر السورة، بعض الناس يكفر بعضهم بعضا حتى آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم وأخواتهم، ولو كانوا يصلون ويكفرون غيرهم، فبينوا لنا معنى هذه الآية‏.‏

ج‏:‏ يخبر الله جل شأنه رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بأنه لا يجد ممن آمن بالله واليوم الآخر، وأخلصوا قلوبهم لله، وأسلموا وجوههم له، فأطاعوه فيما أمر، واجتنبوا ما نهى عنه وزجر- قوما يحبون من شاق الله ورسوله وعدلوا عما جاء به صلى الله عليه وسلم من عند الله من الهدى والنور مهما طال الزمن وقلبت فيهم البصر وأمعنت النظر فسوف لا تجد من المخلصين الصادقين في إيمانهم من يحب قلبه هؤلاء الكفار، ولو كانوا من أقرب الناس إليهم نسبا من آبائهم وأبنائهم وإخوانهم وعشيرتهم الأقربين، وفي هذا ثناء جميل من الله سبحانه على أولئك الأخيار الذين صدقوا الله ورسوله، واتبعوا ما جاءهم من الهدى والنور، وفيه ترغيب لهم في الثبات على ذلك والازدياد منه، وأمر للناس أن يسيروا سيرتهم وينهجوا نهجهم في الإخلاص وصدق الإيمان، وتحذيرهم من صنيع المنافقين الذين تولوا قوما غضب الله عليهم من اليهود، ويحلفون لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيمانا كاذبة ليرضوه ويقولون‏:‏ سورة المنافقون الآية 1 ‏{‏إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ‏}‏‏.‏

فتضمنت هذه الجملة الثناء على المؤمنين الصادقين بالبراءة من الكافرين، والتحذير من حبهم ومودتهم والنهي عن ذلك، كما في قوله تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 28 ‏{‏لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً‏}‏ وكما في قوله تعالى‏:‏ سورة التوبة الآية 23 ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ‏}‏ سورة التوبة الآية 24 ‏{‏قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ‏}‏ وكما في قوله تعالى‏:‏ سورة الممتحنة الآية 4 ‏{‏قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ‏}‏‏.‏

إلى غير هذه الآيات من نصوص الكتاب والسنة التي نهت عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء وغيرهم من الكفار، وحذرت من تولي من غضب الله عليهم ومن اتخذوا دين الله هزوا من الذين أوتوا الكتاب وسائر الكفار‏.‏

وهذا بيان من الله تعالى لحكم أعمال القلوب من محبة ووداد وبراء من الكافرين، وبغضهم وبغض ما ارتكبوه من غي وضلال، أما المعاملات الدنيوية من بيع وشراء وسائر تبادل المنافع فتابع للسياسة الشرعية والنواحي الاقتصادية، فمن كان بيننا وبينهم موادعة جاز أن نتبادل معهم المنافع من بيع وإجارة وكراء وقبول الهدايا والهبات والمكافأة عليها بالمعروف والإحسان؛ إقامة للعدل ومراعاة لمكارم الأخلاق، على أن لا يخالف ذلك أصلا شرعيا، ولا يخرج عن سنن المعاملات التي أحلها الإسلام، قال الله تعالى‏:‏ سورة الممتحنة الآية 8 ‏{‏لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ‏}‏‏.‏

ومن كان بيننا وبينهم حرب أو اعتدوا علينا فلا يجوز أن نتولاهم في المعاملات الدنيوية، بل يحرم ذلك كما حرم توليهم بالمحبة والإخاء، قال الله تعالى‏:‏ سورة الممتحنة الآية 9 ‏{‏إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ‏}‏‏.‏

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بيانا عمليا في السلم والحرب مع اليهود بالمدينة وخيبر، ومع النصارى وغيرهم من الكفار، ثم بين الله تعالى السبب الذي كان منه بغضهم للكافرين فقال‏:‏ سورة المجادلة الآية 22 ‏{‏أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ‏}‏ إن هؤلاء الذين صدقوا الله ورسوله هم الذين قرر الله في قلوبهم الإيمان وثبته في نفوسهم وأيدهم ببرهان منه ونور وهدى، فوالوا أولياءه، وعادوا أعداءه، وساروا على الشريعة التي رضيها الله تعالى لهم دينا، ثم بين جزاءهم بقوله‏:‏ سورة المجادلة الآية 22 ‏{‏وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ‏}‏ أي‏:‏ أنه يتفضل الله عليهم بمنه وكرمه فيدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار، فيها من النعيم المقيم مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فينعم بذلك النعيم أولئك المخلصون الأطهار، مقيمين فيها أبد الآباد، لا يفنى نعيمها ولا يزول، وما هم منها بمخرجين، رضي الله عنهم بما حققوه من إيمان صادق وعمل صالح، ورضوا عن قضائه وتشريعه وجزائه، وأثنوا عليه بما هو أهله، ثم ختم السورة بقوله‏:‏ سورة المجادلة الآية 22 ‏{‏أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏}‏ فأخبر تعالى بأنهم جنده الذين تولوه بالطاعة فتولاهم بنصره وفضله وإحسانه في الدنيا والآخرة، وكانوا هم الفائزين دون من خادع الله ورسوله وتولى الكافرين، ومن ذلك يتبين ما يأتي‏:‏ أولا‏:‏ أن من أحب الكفار ووادهم دينا فهو كافر كفرا يخرج من ملة الإسلام‏.‏‏.‏

ثانيا‏:‏ من أبغضهم بقلبه وتبادل معهم المنافع من بيع وشراء وإجارة وكراء في حدود ما شرع الله فلا حرج عليه‏.‏‏.‏

ثالثا‏:‏ من أبغضهم في الله ولكن عاشرهم وعاش بين أظهرهم لمصلحة دنيوية وآثر ذلك على الحياة مع المسلمين في ديارهم فهو آثم، لما في ذلك من تكثير سوادهم والتعاون معهم دون المسلمين، ولأنه عرض نفسه للفتن وحرمها من التعاون مع المسلمين على أداء شعائر الإسلام وحضور مشاهده، والتناصح والتشاور مع المسلمين فيما يعود على الأمة الإسلامية بالقوة والنهوض إلى ما تسعد به في الدنيا والآخرة إلا إذا كان عالما يأمن على نفسه الفتنة، ويرجو من إقامته بينهم أن ينفع الله به في الدعوة إلى الإسلام ونشره بينهم‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة الملك

من فضائل سورة الملك

السؤال السادس من الفتوى رقم ‏(‏9604‏)‏‏:‏

س6‏:‏ سورة الملك‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏:‏ سورة الملك الآية 1 ‏{‏تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير‏}‏ هل قراءة هذه السورة كل ليلة تشفع لصاحبها عند الموت‏؟‏

ج6‏:‏ هذا الحديث رواه أبو داود في سننه بهذا النص، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا شعبة، أخبرنا قتادة عن عباس الجشمي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ سنن الترمذي فضائل القرآن ‏(‏2891‏)‏، سنن أبو داود الصلاة ‏(‏1400‏)‏، سنن ابن ماجه الأدب ‏(‏3786‏)‏‏.‏ سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى غفر له سورة الملك الآية 1 ‏{‏تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ‏}‏، قال المنذري في مختصره‏:‏ أخرجه النسائي وابن ماجه، وقال الترمذي‏:‏ حديث حسن، لكن في سنده ضعف‏.‏

وعلى هذا يرجى لمن آمن بهذه السورة وحافظ على قراءتها وابتغاء وجه الله معتبرا بما فيها من العبر والمواعظ، عاملا بما فيها من أحكام أن تشفع له‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

تفسير سورة نوح

مكان وجود القمر

السؤال الأول من الفتوى رقم ‏(‏5771‏)‏‏:‏

س1‏:‏ هل القمر بين السموات أو تحت السماء الدنيا‏؟‏ وإذا كان بينهما، فكيف يتأتى الصعود على وجه القمر مع الدليل‏؟‏

ج1‏:‏ يحتمل أن يكون القمر بين السموات، وأن يكون تحت السماء الدنيا لعدم وجود دليل يعين أحد الاحتمالين، وليس في قوله تعالى‏:‏ سورة نوح الآية 16 ‏{‏وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا‏}‏ دليل يعين كونه بينهن؛ لاحتمال أن يكون الجار والمجرور ‏"‏فيهن‏"‏ متعلقا بكلمة ‏"‏ نورا ‏"‏، والمعنى‏:‏ وجعل القمر نورا فيهن، فيكون نوره فيهن كما أنه في الأرض، ولا يلزم من ذلك كونه بينهن، وإذا لم يتعين كونه بينهن أمكن أن يصعد إليه بالمصاعد الحديثة‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود