الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج
يُنْظَرُ إنْ كَانَ السُّؤَالُ مُتَيَسِّرًا عِنْدَ نَفَادِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا جَازَ أَنْ يَطْلُبَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِسَنَةٍ. اهـ.وَنَازَعَ الْأَذْرَعِيُّ فِي التَّحْدِيدِ بِالسَّنَةِ وَبَحَثَ جَوَازَ طَلَبِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إلَى وَقْتٍ يَعْلَمُ عَادَةً تَيَسُّرَ السُّؤَالِ وَالْإِعْطَاءِ فِيهِ لَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ عَلِمَ غِنَى سَائِلٍ، أَوْ مُظْهِرٍ لِلْفَاقَةِ الدَّفْعُ إلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ لِتَغْرِيرِهِ بِإِظْهَارِ الْفَاقَةِ مَنْ لَا يُعْطِيهِ لَوْ عَلِمَ غِنَاهُ فَمَنْ عَلِمَهُ، وَأَعْطَاهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ تَغْرِيرٌ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ رَدَّ عَلَيْهِ بِتَصْرِيحِ شَرْحِ مُسْلِمٍ بِعَدَمِ الْحُرْمَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ سُؤَالَ مَا اُعْتِيدَ سُؤَالُهُ بَيْنَ الْأَصْدِقَاءِ، وَنَحْوِهِمْ مِمَّا لَا يُشَكُّ فِي رِضَا بَاذِلِهِ، وَإِنْ عُلِمَ غِنَى آخِذِهِ كَقَلَمٍ، وَسِوَاكٍ لَا حُرْمَةَ فِيهِ لِاعْتِيَادِ الْمُسَامَحَةِ بِهِ، وَمَنْ أُعْطِيَ لِوَصْفٍ يُظَنُّ بِهِ كَفَقْرٍ، أَوْ صَلَاحٍ، أَوْ نَسَبٍ بِأَنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ أَنَّهُ إنَّمَا أُعْطِيَ بِهَذَا الْقَصْدِ، أَوْ صَرَّحَ لَهُ الْمُعْطِي بِذَلِكَ، وَهُوَ بَاطِنًا بِخِلَافِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ مُطْلَقًا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ بِهِ وَصْفٌ بَاطِنًا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُعْطِي لَمْ يُعْطِهِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْهَدِيَّةِ أَيْضًا عَلَى الْأَوْجَهِ، وَمِثْلُهَا سَائِرُ عُقُودِ التَّبَرُّعِ فِيمَا يَظْهَرُ كَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ وَنَذْرٍ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَدْبَ التَّنَزُّهِ لِلْفَقِيرِ عَنْ قَبُولِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ إلَّا إنْ حَصَلَ لِلْمُعْطِي نَحْوُ تَأَذٍّ، أَوْ قَطْعِ رَحِمٍ، وَقَدْ يُعَارِضُهُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ: «مَا أَتَاك مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُسْتَشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ» إلَّا أَنْ يُجَابَ بِحَمْلِ الْبَحْثِ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي الْأَخْذِ نَحْوُ شَكٍّ فِي الْحِلِّ، أَوْ هَتْكٌ لِلْمُرُوءَةِ، أَوْ دَنَاءَةٌ فِي التَّنَاوُلِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مَتَى أَذَلَّ نَفْسَهُ، أَوْ أَلَحَّ فِي السُّؤَالِ، أَوْ آذَى الْمَسْئُولَ حَرُمَ اتِّفَاقًا أَيْ: وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَفِي الْإِحْيَاءِ مَتَى أَخَذَ مَنْ جَوَّزْنَا لَهُ الْمَسْأَلَةَ عَالِمًا بِأَنَّ بَاعِثَ الْمُعْطِي الْحَيَاءُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ الْحَاضِرِينَ وَلَوْلَاهُ لَمَا أَعْطَاهُ فَهُوَ حَرَامٌ إجْمَاعًا، وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ. اهـ، وَحَيْثُ حَرُمَ الْأَخْذُ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ لَمْ يَرْضَ بِبَذْلِهِ لَهُ وَذَهَبَ الْحَلِيمِيُّ إلَى حُرْمَةِ السُّؤَالِ بِاَللَّهِ تَعَالَى إنْ أَدَّى إلَى تَضَجُّرٍ، وَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَرُدَّهُ وَإِلَى أَنَّ رَدَّ السَّائِلِ صَغِيرَةٌ مَا لَمْ يَنْهَرْهُ، وَإِلَّا فَكَبِيرَةٌ. اهـ، وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا آذَى بِذَلِكَ الْمَسْئُولَ إيذَاءً لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، وَالثَّانِي عَلَى نَحْوِ مُضْطَرٍّ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ، وَإِلَّا فَعُمُومُ مَا قَالَهُ غَرِيبٌ، وَقَدْ أَطْلَقُوا أَنَّهُ يُكْرَهُ سُؤَالُ مَخْلُوقٍ بِوَجْهِ اللَّهِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللَّهِ إلَّا الْجَنَّةُ» وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ السُّؤَالَ بِاَللَّهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْوَجْهِ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْوَجْهُ بِمَعْنَى الذَّاتِ فَتَسَاوَيَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذِكْرَ الْوَجْهِ فِيهِ مِنْ الْفَخَامَةِ مَا يُنَاسِبُ أَنْ لَا يُسْأَلَ بِهِ إلَّا الْجَنَّةُ بِخِلَافِ مَا إذَا حُذِفَ، وَيَظْهَرُ أَنَّ سُؤَالَ الْمَخْلُوقِ بِوَجْهِ اللَّهِ مَا يُؤَدِّي إلَى الْجَنَّةِ كَتَعْلِيمِ خَبَرٍ لَا يُكْرَهُ، وَأَنَّ سُؤَالَ اللَّهِ بِوَجْهِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا يُكْرَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ.الشَّرْحُ:(فَصْل فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ).(قَوْلُهُ: نَعَمْ مَنْ لَا يَتَأَهَّلُ لِلِالْتِزَامِ) وَلَيْسَ لَهُ ثَمَّ وَلِيٌّ.شَرْحُ م ر.(قَوْلُهُ: يُمْكِنُ إلَخْ)- فِيهِ نَظَرٌ دَقِيقٌ فَتَأَمَّلْهُ.(قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي السِّيَرِ إلَخْ) رَاجِعْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُضْطَرِّ، وَقَدْ يُصَوَّرُ مَا ذُكِرَ فِي الْمُضْطَرِّ الْمُحْتَاجِ بِمَا إذَا كَانَ الْبَاذِلُ مِنْ غَيْرِ الْمَيَاسِيرِ، أَوْ كَانَ الْمُضْطَرُّ غَنِيًّا، لَكِنْ فَقَدَ مَا يَتَنَاوَلُهُ، وَوَجَدَهُ مَعَ غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ لَهُ مَجَّانًا فَلَا إشْكَالَ.(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ، وَتَحِلُّ لِغَنِيٍّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ: وَلِظَاهِرِ الْأَمْرِ أَيْ: فِي خَبَرِ: «مَا أَتَاك مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَأَنْتَ غَيْرَ مُسْتَشْرِفٍ، وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ» قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: يَجِبُ أَخْذُهُ لِمَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ، وَلَوْ غَنِيًّا، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ}، وَقَدْ يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ الْحَظْرِ لِلْإِبَاحَةِ، أَوْ لَا، وَاخْتَارَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وُجُوبَ الْأَخْذِ، ثُمَّ إذَا كَانَ حَلَالًا لَا تَبِعَةَ فِيهِ تَمَوَّلَهُ، وَإِلَّا رَدَّهُ فِي مَوْرِدِهِ إنْ عَرَفَ مُسْتَحَقَّهُ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالْمَالِ الضَّائِعِ. اهـ، وَاسْتِدْلَالُ الزَّرْكَشِيّ بِظَاهِرِ الْأَمْرِ يُشْكِلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَرَاهَةِ الْأَخْذِ إذْ مُقْتَضَى ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ بَعْدَ طَلَبِ الْأَخْذِ فَلْيُتَأَمَّلْ.(قَوْلُهُ: أَخْذُهَا) فَاعِلُ يُكْرَهُ.(قَوْلُهُ: أَوْ يَسْأَلُ) وَمَعَ حُرْمَةِ الْقَبُولِ حِينَئِذٍ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر.(قَوْلُهُ: وَآنِيَةٌ) قَالَ فِي الْقُوتِ عَنْ الْإِحْيَاءِ: وَيَكْفِي كَوْنُهُمْ خَزَفِيَّةً. اهـ.(قَوْلُهُ: وَهَلْ لَهُ سُؤَالُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بَعْدَ يَوْمٍ، وَلَيْلَةٍ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ السُّؤَالُ مُتَيَسِّرًا عِنْدَ نَفَادِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا جَازَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِسَنَةٍ انْتَهَى) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: يَجُوزُ طَلَبُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إلَى وَقْتٍ يُعْلَمُ بِالْعَادَةِ تَيَسُّرُ السُّؤَالِ، وَالْإِسْعَافِ فِيهِ، وَلَا يَتَجَاوَزُهُ أُسْبُوعًا كَانَ، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً، أَوْ دُونَ ذَلِكَ. اهـ.(قَوْلُهُ: أَوْ مُظْهِرٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى سَائِلٍ.(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ غِنَى آخِذِهِ) الْوَجْهُ وَإِنْ عَلِمَ غِنَى آخِذِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ.
|