الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.بَابُ السَّلَبِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ إلَّا يَوْمَ حُنَيْنٍ. قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ يَجْتَهِدُ فِيهِ فِي النَّفْلِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النَّفَلَ هَلْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ بَعْدَمَا صَارَتْ الْغَنِيمَةُ فِي يَدَيْهِ، أَوْ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَنْفُلَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَغْنَمُوا، يَقُولُ مَنْ جَاءَ بِشَيْءٍ فَلَهُ ثُلُثُهُ أَوْ خُمُسُهُ أَوْ نِصْفُهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ النَّفَلِ أَيَكُونُ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ؟ قَالَ: ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنْ الْإِمَامِ، لَيْسَ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ إلَّا الِاجْتِهَادُ مِنْ الْإِمَامِ قَالَ: وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَلَ فِي مَغَازِيهِ كُلِّهَا، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ نَفَلَ فِي بَعْضِهَا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنْ الْإِمَامِ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ وَفِيمَا بَعْدَهُ. قُلْتُ: فَفِي قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْفُلَ الْإِمَامُ فِي الْغَنِيمَةِ بَعْدَمَا صَارَتْ غَنِيمَةً وَصَارَتْ فِي يَدَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنْهُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْخُمْسِ، كَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ لَا نَفَلَ إلَّا فِي الْخُمْسِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الَّذِي نَفَلَهُ الْإِمَامُ لِلنَّاسِ أَهُوَ مِنْ الْخُمْسِ أَمْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: النَّفَلُ مِنْ الْخُمْسِ مِثْلَ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قُلْتُ: قَبْلَ أَنْ يَغْنَمُوا أَوْ بَعْدَ أَنْ يَغْنَمُوا أَهُوَ مِنْ الْخَمْسِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: أَمَّا مَا نَفَلَ الْإِمَامُ بَعْدَ الْغَنِيمَةِ مِنْ الْخُمْسِ فَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ، وَأَمَّا مَا نَفَلَ قَبْلَ الْغَنِيمَةِ فَذَلِكَ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُعْفِيِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ مَكْحُولًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا نَفَلَ مَنْ نَفَلَ يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْخُمْسِ ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ مَالِكٌ وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزِّنَادِ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: إنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُعْطَوْنَ النَّفَلَ مِنْ الْخُمْسِ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ، ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ وَغَيْرِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي مَالِكٌ وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَغَنِمُوا إبِلًا كَثِيرَةً فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا وَنَفَلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا. وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ قَالَ: لَا نَفَلَ فِي عَيْنٍ وَلَا فِضَّةٍ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ مِنْ الْأَنْفَال السَّلَبَ وَالْفَرَسَ، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَنْفُلُ بَعْضَ مَنْ كَانَ يَبْعَثُ مِنْ السَّرَايَا فَيُعْطِيهِمْ النَّفَلَ خَاصَّةً لِأَنْفُسِهِمْ سِوَى قَسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ. مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ الْأَنْفَالِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: الْفَرَسُ مِنْ النَّفَلِ وَالسَّلَبُ مِنْ النَّفَلِ، ثُمَّ أَعَادَ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ: الْأَنْفَالُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا هِيَ؟ قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُحْرِجَهُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَتَدْرُونَ مَا مِثْلِي وَمِثْلُ هَذَا مِثْلُ صَبِيغٍ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. .فِي نُدْبَةِ الْإِمَامِ إلَى الْقِتَالِ بِجُعْلٍ: قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَكْرَهُ هَذَا كَرَاهَةً شَدِيدَةً، وَيَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ قَاتِلُوا وَلَكُمْ كَذَا وَكَذَا، وَيَقُولُ: أَكْرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يُجْعَلَ لَهُ جُعْلٌ وَكَرِهَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً أَنْ يَسْفِكَ دَمَ نَفْسِهِ عَلَى مِثْلِ هَذَا. وَقَالَ مَالِكٌ: مَا نَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ إلَّا مِنْ بَعْدِ مَا بَرَدَ الْقِتَالُ، فَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا تَقُومُ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» وَفِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، فَكَيْفَ يُقَالُ بِخِلَافِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَنَّ؟ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ وَلَا عَمِلَ بِهِ بَعْدَ حُنَيْنٍ، وَلَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ ذَلِكَ أَوْ أَمَرَ بِهِ فِيمَا بَعْدَ حُنَيْنٍ، كَانَ ذَلِكَ أَمْرًا ثَابِتًا قَائِمًا لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ قَوْلٌ، ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ الْجُيُوشَ، فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَعْدَهُ فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَيْضًا أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أُسَارَى فِي بِلَادِ الشِّرْكِ أَوْ تُجَّارًا اسْتَعَانَ بِهِمْ صَاحِبُ تِلْكَ الْبِلَادِ عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ نَاوَءُوهُ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ، أَتَرَى أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْأُسَارَى يَكُونُونَ فِي بِلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَيَسْتَعِينُ بِهِمْ الْمَلِكُ عَلَى أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُ عَدُوَّهُ وَيُجَاءُ بِهِمْ إلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ يُقَاتِلُوا عَلَى هَذَا وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَسْفِكُوا دِمَاءَهُمْ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يُقَاتَلُ النَّاسُ لِيُدْخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ مِنْ الشِّرْكِ، فَأَمَّا أَنْ يُقَاتِلُوا الْكُفَّارَ لِيُدْخِلُوهُمْ مِنْ الْكُفْرِ إلَى الْكُفْرِ وَيَسْفِكُوا دِمَاءَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي وَلَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يَسْفِكَ دَمَهُ عَلَى هَذَا. .فِي السُّهْمَانِ: قَالَ: سَهْمَانِ لِلْفَرَسِ وَسَهْمٌ لِفَارِسِهِ عِنْدَ مَالِكٍ فَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، قُلْتُ: فَالْبَرَاذِينُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَجَازَهَا الْوَالِي فَسُهْمَانُهَا كَسُهْمَانِ الْخَيْلِ لَهَا سَهْمَانِ وَلِلْفَارِسِ سَهْمٌ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْبَغْلَ وَالْحِمَارَ أَرَاجِلٌ هُوَ أَمْ لَا؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَمَا أَشُكُّ أَنَّهُ رَاجِلٌ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْبَعِيرَ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت فِيهِ شَيْئًا، وَمَا أَشُكُّ أَنَّهُ رَاجِلٌ، وَلَقَدْ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِبِلِ فَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ قَسَمَ إلَّا لِلْخَيْلِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَمَلُوا الْخَيْلَ مَعَهُمْ فِي السُّفُنِ فَلَقُوا الْعَدُوَّ فَغَنِمُوا، بِكَمْ يُضْرَبُ لِلْفَارِسِ؟ قَالَ: يُضْرَبُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِلْفَارِسِ سَهْمٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا عَسْكَرُوا فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَفِيهِمْ أَصْحَابُ خَيْلٍ وَرَجَّالَةٌ فَسَرَوْا رَجَّالَةٌ فَغَنِمُوا غَنَائِمَ وَهُمْ رَجَّالَةٌ، أَيَكُونُ لِلْفَارِسِ أَنْ يُضْرَبَ لَهُ بِسَهْمَيْ الْفَرَسِ وَهُمْ رَجَّالَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي فِي السَّرِيَّةِ إذَا خَرَجَتْ مِنْ الْعَسْكَرِ فَغَنِمَتْ: إنَّ ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْعَسْكَرِ وَبَيْنَ أَهْلِ السَّرِيَّةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْخُمْسِ، وَلَمْ يَذْكُرْ رَاجِلًا مِنْ فَارِسٍ فَهَذَا بَيْنَهُمْ لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا. قُلْتُ: فَبِكَمْ يُضْرَبُ إنْ كَانَ مَعَهُ فَرَسَانِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمِ فَرَسٍ وَلَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ وَخِلَافُهُ بَلَغَنِي أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَرَسَيْنِ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَلَمْ يُسْهِمْ لَهُ إلَّا بِسَهْمِ فَرَسٍ وَاحِدٍ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ دَخَلَ مِنْ أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى فَرَسٍ فَنَفَقَ فَرَسُهُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَلَقِيَ الْعَدُوَّ رَاجِلًا، أَوْ دَخَلَ رَاجِلًا فَاشْتَرَى فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ فَرَسًا فَلَقِيَ الْعَدُوَّ فَارِسًا كَيْفَ يُضْرَبُ لَهُ وَهَلْ سَمِعْتَ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنِّي سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ أَرْضَ الْعَدُوِّ غَازِيًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَلْقَى الْمُسْلِمُونَ عَدُوًّا وَقَبْلَ أَنْ يَغْنَمُوا غَنِيمَةً ثُمَّ غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْغَنِيمَةِ. قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ لَقُوا الْعَدُوَّ فَقَاتَلَ مَعَهُمْ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَغْنَمُوا ثُمَّ غَنِمُوا بَعْدَمَا فَرَغُوا مِنْ الْقِتَالِ وَقَدْ مَاتَ الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يَغْنَمُوا، إلَّا أَنَّهُ قَدْ قَاتَلَ مَعَهُمْ أَوْ كَانَ حَيًّا. قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يُضْرَبَ لَهُ بِسَهْمٍ، فَالْفَرَسُ إنْ نَفَقَ بِمَنْزِلَةِ إنْ اشْتَرَاهُ فَشَهِدَ بِهِ الْقِتَالَ، فَإِنَّمَا لَهُ مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَلْقَى الْعَدُوَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسْهِمُ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلْفَارِسِ سَهْمًا. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ لِلْفَارِسِ يَوْمَ حُنَيْنٍ سَهْمَيْنِ سَهْمَيْنِ، وَقَسَمَ يَوْمَ النَّضِيرِ لِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فَرَسًا سَهْمَيْنِ سَهْمَيْنِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مَكْحُولٍ، حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْهَمَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلْفَارِسِ سَهْمًا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنَّ السَّهْمَيْنِ فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ لِلْفَرَسِ وَسَهْمًا لِلرَّاجِلِ. ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا بَلَغَتْ الْبَرَاذِينُ مَبْلَغَ الْخَيْلِ فَأَلْحِقْهَا بِالْخَيْلِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: الْخَيْلُ وَالْبَرَاذِينُ سَوَاءٌ فِي السَّهْمَيْنِ. .فِي سُهْمَانِ النِّسَاءِ وَالتُّجَّارِ وَالْعَبِيدِ: قَالَ: لَا، قُلْتُ: أَفَيُرْضَخُ لَهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ النِّسَاءِ هَلْ يُرْضَخُ لَهُنَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت أَحَدًا أَرْضَخَ لِلنِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ النِّسَاءِ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبِيدِ: لَيْسَ لَهُمْ سَهْمٌ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ التُّجَّارَ إذَا خَرَجُوا فِي عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ، أَيُرْضَخُ لَهُمْ أَمْ لَا؟ قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الْأَجِيرِ: إنَّهُ إذَا شَهِدَ الْقِتَالَ أُعْطِيَ سَهْمَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَكَذَلِكَ التُّجَّارُ عِنْدِي إذَا عَلِمَ مِنْهُمْ مِثْلَ مَا عَلِمَ مِنْ الْأُجَرَاءِ. قُلْتُ: فَالْعَبْدُ إذَا قَاتَلَ أَيُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ وَقَدْ قَالَ لَيْسَ لِلْعَبِيدِ فِي الْقِسْمَةِ شَيْءٌ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَتَبَ: أَنْ يُعْزَلَ الْعَبِيدُ مِنْ أَنْ يُقْسَمَ لَهُمْ شَيْءٌ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا نَعْلَمُ لِلْعَبِيدِ قَسْمًا فِي الْمَغَانِمِ وَإِنْ قَاتَلُوا أَوْ أَعَانُوا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ عِمْرَانَ أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا، عَنْ الصَّبِيِّ يُغْزَى بِهِ أَوْ يُولَدُ وَالْجَارِيَةِ وَالْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ؟ فَقَالَا: لَا نَرَى لِهَؤُلَاءِ مِنْ غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ التُّجِيبِيِّ، أَنَّ تَمِيمَ بْنَ فَرْعٍ الْمَهْرِيِّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ افْتَتَحُوا الْإِسْكَنْدَرِيَّة فِي الْمَرَّةِ الْآخِرَةِ. قَالَ: فَلَمْ يَقْسِمْ لِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ الْفَيْءِ شَيْئًا، قَالَ وَكُنْت غُلَامًا لَمْ أَحْتَلِمْ حَتَّى كَادَ يَكُونُ بَيْنَ قَوْمِي وَبَيْنَ نَاسٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي ذَلِكَ ثَائِرَةٌ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: فِيكُمْ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلُوهُمْ، فَسَأَلُوا أَبَا بُسْرَةَ الْغِفَارِيَّ وَعُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ صَاحِبَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَا: اُنْظُرُوا فَإِنْ كَانَ أَنْبَتَ الشَّعْرَ فَاقْسِمُوا لَهُ. قَالَ: فَنَظَرَ إلَيَّ بَعْضُ الْقَوْمِ فَإِذَا أَنَا قَدْ أَنْبَتُّ فَقَسَمَ لِي. .فِي سُهْمَانِ الْمَرِيضِ وَاَلَّذِي يَضِلُّ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ لَهُ سَهْمُهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْفَرَسِ إذَا رَهِصَ: أَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ الْمَرِيضِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَوْمِ يَغْزُونَ فِي الْبَحْرِ يَسِيرُونَ يَوْمًا فَتَضْرِبُهُمْ الرِّيحُ فَتُفَرِّقُهُمْ الرِّيحُ، وَتَرُدُّ الرِّيحُ بَعْضَهُمْ إلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَيَمْضِي بَعْضُهُمْ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ فَيَلْقَوْنَ الْعَدُوَّ فَيَغْنَمُونَ؟ قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ إنَّمَا رَدَّتْهُمْ الرِّيحُ وَلَيْسَ هُمْ رَجَعُوا، فَلَهُمْ سُهْمَانُهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ مَعَ أَصْحَابِهِمْ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ غَزَا الْمُسْلِمُونَ أَرْضَ الْعَدُوِّ فَضَلَّ مِنْهُمْ رَجُلٌ فَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِمْ حَتَّى لَقِيَ الْعَدُوَّ الْمُسْلِمُونَ فَقَاتَلُوهُمْ فَغَنِمُوا ثُمَّ رَجَعَ الرَّجُلُ إلَيْهِمْ أَيَكُونُ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ؟ قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُك بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الَّذِينَ رَدَّتْهُمْ الرِّيحُ وَهُمْ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَجَعَلَ لَهُمْ سُهْمَانَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ الَّتِي غَنِمَهَا أَصْحَابُهُمْ، فَهَذَا الَّذِي ضَلَّ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ نَصِيبٌ. .فِي الْجَيْشِ يَحْتَاجُونَ إلَى الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ بَعْدَ أَنْ يُجْمَعَ فِي الْمَغْنَمِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: سُنَّةُ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَتُعْلَفُ الدَّوَابُّ مِنْهُ، وَلَا يُسْتَأْمَرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَلَا غَيْرُهُ. قَالَ مَالِكٌ: وَالطَّعَامُ هُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ يَأْكُلُهُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ. قَالَ مَالِكٌ: وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ أَيْضًا لِمَنْ أَخَذَهَا يَأْكُلُ مِنْهَا وَيَنْتَفِعُ بِهَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ سَوَادٍ الْجُذَامِيِّ حَدَّثَهُ، أَنَّ زِيَادَ بْنَ نُعَيْمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَمَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ، فَكَانَ النَّفَرُ يُصِيبُونَ الْغَنَمَ الْعَظِيمَةَ وَلَا يُصِيبُ الْآخَرُونَ إلَّا شَاةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّكُمْ أَطْعَمْتُمْ إخْوَانَكُمْ». قَالَ: فَرَمَيْنَاهُمْ بِشَاةٍ شَاةٍ حَتَّى كَانَ الَّذِي مَعَهُمْ أَكْثَرَ مِنْ الَّذِي مَعَنَا. قَالَ بَكْرٌ: فَمَا رَأَيْت أَحَدًا قَطُّ يَقْسِمُ الطَّعَامَ كُلَّهُ وَلَا يُنْكِرُ أَخْذَهُ، وَلَكِنْ يَسْتَمْتِعُ آخِذُهُ بِهِ وَلَا يُبَاعُ، فَأَمَّا غَيْرُ الطَّعَامِ مِنْ مَتَاعِ الْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: قَدْ كَانَ النَّاسُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُونَ مَا أَصَابُوا مِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَلَا يَبِيعُونَهَا، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَ غَنَمًا يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَسَمَهَا وَأَخَذَ الْخُمُسَ مِنْهَا، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَصَابُوا الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ لَمْ يَقْسِمْ لِلنَّاسِ إذَا كَانُوا لَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَكْحُولٍ، إنَّ شُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ بَاعَ غَنَمًا وَبَقَرًا فَقَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: لَمْ يُسِئْ شُرَحْبِيلُ إذْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْلِمُونَ مُحْتَاجِينَ أَنْ يَذْبَحُوهَا فَتُرَدُّ عَلَى أَصْحَابِهَا يَبِيعُونَهَا فَيَكُونُ ثَمَنُهَا مِنْ الْغَنِيمَةِ فِي الْخُمْسِ إذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَحْتَاجُونَ إلَى لُحُومِهَا لِيَأْكُلُوهَا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَسِيد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ هَانِئِ بْنِ كُلْثُومٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَى صَاحِبِ جَيْشِ الشَّامِ يَوْمَ تَخَلَّفَ أَنْ دَعْ النَّاسَ يَأْكُلُونَ وَيَعْلِفُونَ، فَمَنْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَقَدْ وَجَبَ فِيهِ خُمُسُ اللَّهِ وَسِهَامُ الْمُسْلِمِينَ. سَحْنُونٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ أَسِيد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ خَالِدِ بْنِ الدُّرَيْكِ عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ. قَالَ: سَمِعْت فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُول: مَنْ بَاعَ طَعَامًا أَوْ عَلَفًا بِأَرْضِ الرُّومِ مِمَّا أَصَابَ مِنْهَا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَقَدْ وَجَبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ وَهِيَ لِلْمُسْلِمِينَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَصَابُوا بَقَرًا كَثِيرًا فَأَخَذَ النَّاسُ حَاجَاتِهِمْ وَفَضَلَ فَضْلَةٌ مِنْ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ فَجَمَعَهَا الْوَالِي وَضَمَّهَا إلَى الْغَنَائِمِ، ثُمَّ احْتَاجَ النَّاسُ إلَى اللَّحْمِ أَوْ بَعْضُهُمْ أَيَكُونُ لِمَنْ احْتَاجَ إلَى اللَّحْمِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تِلْكَ الْبَقَرِ أَوْ تِلْكَ الْغَنَمِ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَالِي، أَوْ تُرَاهُ وَاسِعًا لَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَلَا يَكُونُ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ مِنْ الْغَنَائِمِ؟ قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ: إنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ يَذْبَحُونَهَا وَيَأْكُلُونَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْإِمَامِ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ إذَا حَازَهَا الْإِمَامُ شَيْئًا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا قُلْتُ هَلْ وَسَّعَ مَالِكٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ مَا خَلَا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ أَنْ يُؤْخَذَ؟ قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ جُلُودِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ يَجِدُهَا الْمُسْلِمُونَ فِي الْغَنَائِمِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا إذَا احْتَاجُوا إلَيْهَا أَنْ يَحْتَذُوا مِنْهَا نِعَالًا وَيَجْعَلُوا مِنْهَا عَلَى أَكْتَافِهِمْ، أَوْ يَجْعَلُوا مِنْهَا حُزُمًا أَوْ يُصْلِحُوا مِنْهَا أَخْفَافَهُمْ، أَوْ يَتَّخِذُوا مِنْهَا أَخْفَافًا إنْ احْتَاجُوا إلَيْهَا. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ السِّلَاحَ يَكُونُ فِي الْغَنِيمَةِ فَيَحْتَاجُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى سِلَاحٍ يُقَاتِلُ بِهِ، أَيَأْخُذُهُ فَيُقَاتِلُ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ؟ قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الْبَرَاذِينِ تَكُونُ فِي الْغَنِيمَةِ فَيَحْتَاجُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى دَابَّةٍ يَرْكَبُهَا يُقَاتِلُ عَلَيْهَا وَيُقْفِلُ عَلَيْهَا. قَالَ: يَرْكَبُهَا يُقَاتِلُ عَلَيْهَا وَيَرْكَبُهَا حَتَّى يُقْفِلَ إلَى أَهْلِهِ، يُرِيدُ أَرْضَ الْإِسْلَامِ إنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ ثُمَّ يَرُدُّهَا إلَى الْغَنِيمَةِ، قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ الْغَنِيمَةُ قَدْ قُسِمَتْ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى إنْ كَانَتْ قَدْ قُسِمَتْ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا، فَالسِّلَاحُ إذَا احْتَاجَ أَنْ يُقَاتِلَ بِهِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ احْتَاجَ رَجُلٌ إلَى شَيْءٍ مِنْ ثِيَابِ الْغَنِيمَةِ أَيَلْبَسُهُ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَلْبَسَهُ حَتَّى يَقْدَمَ بِهِ مَوْضِعَ الْإِسْلَامِ، فَإِذَا قَدِمَ مَوْضِعَ الْإِسْلَامِ رَدَّهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَرَاذِينِ. قال سَحْنُونٌ: وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يَنْتَفِعُ بِدَابَّةٍ وَلَا بِسِلَاحٍ وَلَا بِثَوْبٍ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ أَنْ يَأْخُذَ الدَّنَانِيرَ فَيَشْتَرِيَ بِهَا، وَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَحْسَنُوهُ وَرَأَوْهُ صَوَابًا. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ حَازَ الْإِمَامُ هَذِهِ الثِّيَابَ وَهَذِهِ الْجُلُودَ فَاحْتِيجَ إلَيْهَا بَعْدَمَا حَازَهَا الْإِمَامُ، أَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِهَا كَمَا كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهَا الْإِمَامُ؟ قَالَ: نَعَمْ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَسْلَمَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَا: لَا يَتَّقِي الطَّعَامَ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ وَلَا يَسْتَأْذِنُ فِيهِ الْأَمِيرَ، وَلَا يَتَّقِيهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مَنْ سَبَقَ إلَيْهِ، فَإِنْ بَاعَ إنْسَانٌ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَلَا تَحِلُّ لَهُ، وَهُوَ حِينَئِذٍ مِنْ الْمَغَانِمِ وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ الطَّعَامِ هُوَ السُّنَّةُ وَالْحَقُّ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَسْلَمَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ: «لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ جَاعَ بَعْضُ النَّاسِ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ، فَلَمْ يَجِدُوا عِنْدَهُ شَيْئًا فَافْتَتَحُوا بَعْضَ حُصُونِهَا فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ جِرَابًا مَمْلُوءًا شَحْمًا، فَبَصُرَ بِهِ صَاحِبُ الْمَغَانِمِ وَهُوَ كَعْبُ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ فَأَخَذَهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا وَاَللَّهِ لَا أُعْطِيكَهُ حَتَّى أَذْهَبَ بِهِ إلَى أَصْحَابِي، فَقَالَ: أَعْطِنِيهِ أَقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ، فَأَبَى وَتَنَازَعَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَلِّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ جِرَابِهِ فَذَهَبَ بِهِ إلَى أَصْحَابِهِ». .فِي الْعَلَفِ وَالطَّعَامِ يَفْضُلُ مِنْهُ مَعَ الرَّجُلِ فَضْلَةٌ بَعْدَمَا يَقْدَمُ بَلَدَهُ: قُلْت: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَأْخُذُ الْعَلَفَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَيَعْلِفُ دَابَّتَهُ فَيَفْضُلُ مِنْهُ فَضْلَةٌ بَعْدَمَا خَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا يَسْأَلُ عَنْ الطَّعَامِ يَأْخُذُهُ الرَّجُلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَيَخْرُجُ وَمَعَهُ مِنْهُ فَضْلَةٌ. قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى بَأْسًا إذَا كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ لَهُ بَالٌ؟ قَالَ: إذَا كَانَ لَهُ بَالٌ تَصَدَّقَ بِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُقْرِضُ الطَّعَامَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِمَّا أَصَابَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَيَكُونُ هَذَا قَرْضًا أَمْ لَا؟ قَالَ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ مَعَ الْجَيْشِ فَيُصِيبُ الطَّعَامَ، فَيَكُونُ فِي الطَّعَامِ فَضْلٌ فَيَسْأَلُهُ بَعْضُ مَنْ لَمْ يُصِبْ طَعَامًا أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ: إنَّمَا سُنَّةُ الْعَلَفِ أَنْ يُعْلَفَ فَإِنْ كَانَ اسْتَغْنَى عَنْ شَيْءٍ أَعْطَاهُ أَصْحَابَهُ، فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ الْقَرْضَ لَيْسَ بِقَرْضٍ وَلَا أَرَى الْقَرْضَ يَحِلُّ فِيهِ، فَإِنْ نَزَلَ وَأَقْرَضَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الَّذِي أُقْرِضَ شَيْءٌ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ: سَأَلْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى وَكَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَهُوَ مِمَّنْ أَسْلَمَ، عَنْ الطَّعَامِ هَلْ كَانَ يُقْسَمُ فِي الْمَغَانِمِ؟ فَقَالَ: كُنَّا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَقْسِمُ طَعَامًا إذَا أَصَبْنَاهُ فِي الْمَغَانِمِ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي خَالِدٍ الْقُرَشِيِّ عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الطَّعَامِ يَأْخُذُونَهُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ مِنْ الْعَسَلِ وَالدَّقِيقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْأُرْدُنِّ، حَدَّثَهُ عَنْ الْقَاسِمِ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نَأْكُلُ الْجُزُرَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَلَا نُقَسِّمُهُ، حَتَّى أَنْ كُنَّا لَنَرْجِعُ إلَى رِحَالِنَا وَأَخْرِجَتُنَا مِنْهُ مَمْلُوءَةٌ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ رَأَيْنَا النَّاسَ فِي الْغَزْوِ وَمَا الطَّعَامُ إلَّا لِمَنْ أَخَذَهُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ أَمْرُ النَّاسِ فَمَنْ أَخَذَهُ أَكَلَهُ وَأَطْعَمَهُ أَهْلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْجَيْشِ إلَيْهِ حَاجَةٌ بَادِيَةٌ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إلَى أَهْلِهِ وَبِالنَّاسِ إلَيْهِ مِنْ الْحَاجَةِ مَا بِهِمْ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِهِمْ حَاجَةٌ إلَيْهِ فَلْيَأْكُلْهُ وَلْيُطْعِمْهُ أَهْلَهُ وَلَا يَبِيعُ مِنْهُ شَيْئًا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ، قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ: أَمَّا شَيْءٌ اصْطَنَعْته مِنْ عِيدَانِ أَرْضِ الرُّومِ أَوْ فَخَّارِهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ تَخْرُجَ بِهِ، وَأَمَّا شَيْءٌ تَجِدُهُ مَصْنُوعًا فَلَا تَخْرُجْ بِهِ. وَقَالَ مَكْحُولٌ فِي الْمَصْنُوعِ مِثْلَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ الْمُقْسِمِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى: لَا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَ الرَّجُلُ طَعَامًا إلَى أَهْلِهِ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَقَدْ كَانَ النَّاسُ فِيمَا أَدْرَكْنَا وَمَا لَمْ نُدْرِكْ فِيمَا بَلَغَنَا عَنْهُمْ يَحْمِلُونَ الْقَدِيدَ حَتَّى يَقْدَمُوا بِهِ إلَى أَهْلِيهِمْ فَلَا يُنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يُعَابُ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يُبَاعَ، فَإِنْ بِيعَ بَعْد أَنْ يُخْرَجَ بِهِ فَإِنْ وَقَعَ فِي أَهْلِهِ صَارَ مَغْنَمًا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ يَصِيدُ الطَّيْرَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَالْحَيَّاتُ، أَيَبِيعُهُ وَيَأْكُلُ ثَمَنَهُ؟ قَالَا: نَعَمْ، وَسَأَلْتُهُمَا عَنْ رَجُلٍ يَكُونُ لَهُ غُلَامٌ يَعْمَلُ الْفَخَّارَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَيَبِيعُهُ أَيَحِلُّ لَهُ ثَمَنُ مَا بَاعَ مِنْهَا؟ قَالَا: نَعَمْ، قُلْتُ: وَإِنْ كَثُرَ حَتَّى بَلَغَ مَالًا كَثِيرًا؟ قَالَا: نَعَمْ وَإِنْ كَثُرَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَقَدْ سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الْقَوْمِ يَكُونُونَ فِي الْغَزْوِ فَيُصِيبُ بَعْضُهُمْ الْقَمْحَ وَآخَرُونَ الْعَسَلَ وَآخَرُونَ اللَّحْمَ، فَيَقُولُ الَّذِينَ أَصَابُوا اللَّحْمَ لِلَّذِينَ أَصَابُوا الْعَسَلَ أَوْ أَصَابُوا الْقَمْحَ أَعْطُونَا مِمَّا مَعَكُمْ وَنُعْطِيكُمْ مِمَّا مَعَنَا يَتَبَادَلُونَ وَلَوْ لَمْ يُعْطُوهُمْ لَمْ يُعْطُوهُمْ شَيْئًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا فِي الطَّعَام وَالْعَلَفِ، إنَّمَا هَذَا كُلُّهُ لِلْأَكْلِ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا أَنْ يُبَدِّلَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بِحَالِ مَا وَصَفْت لَك. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَلَفُ كَذَلِكَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا اتَّخَذَهُ الرَّجُلُ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ مَنْ سَرْجٍ تَحْتَهُ أَوْ سَهْمٍ يَرَاهُ أَوْ مِشْجَبٍ صَنَعَهُ أَوْ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ، مَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: هُوَ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَا يُخَمِّسُ وَلَا يَرْفَعُهُ إلَى مُقَسِّمٍ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ سَوَادَةَ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْت النَّاسَ يَنْقَلِبُونَ بِالْمَشَاجِبِ وَالْعِيدَانِ لَا يُبَاعُ فِي الْمُقْسَمِ لَنَا مِنْهُ شَيْءٌ سَحْنُونٌ: مَعْنَاهُ إذَا كَانَ يَسِيرًا وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ يَأْخُذُ إجَارَةَ مَا عَمِلَ فِيهِ، وَالْبَاقِي يَصِيرُ فَيْئًا إذَا كَانَ لَهُ قَدْرٌ. .فِي عَرْقَبَةِ الْبَهَائِمِ وَالدَّوَابِّ وَتَحْرِيقِ السِّلَاحِ وَالطَّعَامِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُعَرْقِبُونَ الدَّوَابَّ أَوْ يَذْبَحُونَهَا. قَالَ: وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ. قَالَ: وَأَمَّا الْأَمْتِعَاتُ وَالسِّلَاحُ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ: تُحْرَقُ، قُلْتُ: فَالدَّوَابُّ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ هَلْ تُحْرَقُ بَعْدَمَا عُرْقِبَتْ؟ قَالَ: مَا سَمِعْته يَقُولُ تُحْرَقُ، وَلَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ تَقِفُ عَلَيْهِ دَابَّتُهُ: إنَّهُ يُعَرْقِبُهَا أَوْ يَقْتُلُهَا وَلَا يَتْرُكُهَا لِلْعَدُوِّ يَنْتَفِعُونَ بِهَا. .فِي الِاسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى قِتَالِ الْعَدُوِّ: قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا أَرَى أَنْ يَسْتَعِينُوا بِهِمْ يُقَاتِلُونَ مَعَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا نَوَاتِيَّةً أَوْ خُدَّامًا، فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ بَدْرٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبْرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَتْ تُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ، فَفَرِحَ بِهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ حِينَ رَأَوْهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْت لِأَتَّبِعكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: «تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ مَضَى حَتَّى إذَا كَانَ بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ: لَا. قَالَ: «فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» قَالَتْ: فَرَجَعَ لَهُ وَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ: «أَتُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ»؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَانْطَلِقْ». قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَذَكَرَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ قَالَ: إنَّ الْأَنْصَارَ قَالُوا يَوْمَ أُحُدٍ: أَلَا نَسْتَعِينُ بِحُلَفَائِنَا مِنْ يَهُودَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِمْ». .فِي أَمَانِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ: قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ أَمَانُ الْمَرْأَةِ جَائِزٌ، وَمَا سَمِعْته يَقُولُ فِي الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ شَيْئًا أَقُومُ بِحِفْظِهِ وَأَنَا أَرَى أَمَانُهُمَا جَائِزٌ، إلَّا أَنَّهُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْأَمَانَ سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا قَالَ فِي أُمِّ هَانِئٍ وَفِي زَيْنَبَ: «قَدْ أَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ»، وَفِيمَا أَجَازَ مِنْ جِوَارِ زَيْنَبَ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ مِنْ بَعْدِ مَا نَزَلَ الْأَمَانُ، وَقَدْ يَكُونُ الَّذِي كَانَ مِنْ إجَارَتِهِ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ النَّظَرُ وَالْحِيطَةُ لِلدِّينِ وَأَهْلِهِ، وَلَمْ يُجْعَلْ مَا قَالَ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ أَمْرًا يَكُونُ فِي يَدَيْ أَدْنَى الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ مَا فَعَلَ يَلْزَمُ الْإِمَامَ لَيْسَ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ فِعْلِهِ، وَلَكِنَّ الْإِمَامَ الْمُقَدَّمَ يَنْظُرُ فِيمَا فَعَلَ فَيَكُونُ إلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فِي النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ قَالَ: سَمِعْت أَشْيَاخَنَا يَقُولُونَ: لَا جِوَارَ لِلصَّبِيِّ وَلَا لِلْمُعَاهَدِ، وَإِنْ أَجَارَا فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فَإِنْ أَحَبَّ أَمْضَى جِوَارَهُمَا، وَإِنْ أَحَبَّ رَدَّهُ فَإِنْ أَمْضَى فَهُوَ مَاضٍ وَإِنْ لَمْ يَمْضِهِ فَلْيُبَلِّغْهُ إلَى مَأْمَنِهِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: كَتَبَ إلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُهُ إلَى سَعِيدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ حُذَيْمٍ وَنَحْنُ مُحَاصِرُو قَيْسَارِيَّةَ: إنَّ مَنْ أَمَّنَهُ مِنْكُمْ حُرًّا وَعَبْدًا مِنْ عَدُوِّكُمْ فَهُوَ آمِنٌ حَتَّى تَرُدُّوهُ إلَى مَأْمَنِهِ، أَوْ يُقِيمَ فَيَكُونَ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْجِزْيَةِ، وَإِذَا أَمَّنَهُ بَعْضُ مَنْ تَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى عَدُوِّكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ فَهُوَ آمِنٌ حَتَّى تَرُدُّوهُ إلَى مَأْمَنِهِ أَوْ يُقِيمَ فِيكُمْ، وَإِنْ نَهَيْتُمْ أَنْ يُؤَمِّنَ أَحَدٌ أَحَدًا فَجَهِلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَوْ نَسِيَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ عَصَى فَأَمَّنَ أَحَدًا مِنْهُمْ فَلَيْسَ لَكُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ نَهَيْتُمُوهُ فَرَدُّوهُ إلَى مَأْمَنِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ فِيكُمْ، وَلَا تَحْمِلُوا إسَاءَتَكُمْ عَلَى النَّاسِ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ جُنْدٌ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ، وَإِنْ أَشَارَ أَحَدُكُمْ مِنْكُمْ إلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ هَلُمَّ أَنَا أُقَاتِلُك، فَجَاءَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَفْهَمْ مَا قِيلَ لَهُ فَلَيْسَ لَكُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ حَتَّى تَرُدُّوهُ إلَى مَأْمَنِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ فِيكُمْ، وَإِذَا أَقْبَلَ الرَّجُلُ إلَيْكُمْ مِنْهُمْ مُطَمْئِنًا فَأَخَذْتُمُوهُ فَلَيْسَ لَكُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ إنْ كُنْتُمْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ جَاءَكُمْ مُتَعَمِّدًا، فَإِنْ شَكَكْتُمْ فِيهِ وَظَنَنْتُمْ أَنَّهُ جَاءَكُمْ وَلَمْ تَسْتَيْقِنُوا ذَلِكَ فَلَا تَرُدُّوهُ إلَى مَأْمَنِهِ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ، وَإِنْ وَجَدْتُمْ فِي عَسْكَرِكُمْ أَحَدًا لَمْ يُعْلِمْكُمْ بِنَفْسِهِ حَتَّى قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ لَهُ أَمَانٌ وَلَا ذِمَّةٌ فَاحْكُمُوا عَلَيْهِ بِمَا تَرَوْنَ أَنَّهُ أَفْضَلُ لِلْمُسْلِمِينَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي النَّصْرَانِيِّ يَغْزُو مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَيُعْطِي لِرَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَمَانًا، قَالَا: لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَمَانُ مُشْرِكٍ وَيُرَدُّ إلَى مَأْمَنِهِ.
|