الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَيُوتِرُ الْمَرْءُ قَائِمًا وَقَاعِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ إنْ شَاءَ، وَعَلَى دَابَّتِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حدثنا مَالِكٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: كُنْت أَسِيرُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَخَشِيتُ الصُّبْحَ فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ، ثُمَّ لَحِقْتُهُ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَيْنَ كُنْتَ فَقُلْتُ: خَشِيتُ الصُّبْحَ فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَلَيْسَ لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قُلْت: بَلَى، وَاَللَّهِ قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ سَأَلْت نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ: أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ قَالَ: نَعَمْ؛ وَهَلْ لِلْوِتْرِ فَضْلٌ عَلَى سَائِرِ التَّطَوُّعِ، وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ :، وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ: أَيُوتِرُ الرَّجُلُ وَهُوَ جَالِسٌ قَالَ: نَعَمْ وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنْ الشَّعْبِيِّ: الْوِتْرُ لاَ يُقْضَى، وَلاَ يَنْبَغِي تَرْكُهُ؛ وَهُوَ تَطَوُّعٌ، وَهُوَ أَشْرَفُ التَّطَوُّعِ.: وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: الْوِتْرُ وَالأَضْحَى: تَطَوُّعٌ: قَالَ عَلِيٌّ: لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ التَّطَوُّعَ يُصَلِّيهِ الْمَرْءُ جَالِسًا إنْ شَاءَ: كَمَا رُوِّينَا عَنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عن ابْنِ شِهَابٍ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ عَنْ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي سُبْحَتِهِ قَاعِدًا حَتَّى كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ، فَكَانَ يُصَلِّي فِي سُبْحَتِهِ قَاعِدًا، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ مَرَّةً فِي كُلِّ شَهْرٍ؛ فَإِنْ خَتَمَهُ فِي أَقَلَّ: فَحَسَنٌ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَخْتِمَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ؛ فَإِنْ فَعَلَ فَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. وَلاَ يَجُوزُ لاَِحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الْقُرْآنِ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُرْهَانُ ذَلِكَ: مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَأْ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ قُلْتُ: إنِّي أَجِدُ قُوَّةً قَالَ: فَاقْرَأْهُ فِي عِشْرِينَ لَيْلَةً، قُلْتُ: إنِّي أَجِدُ قُوَّةً قَالَ: فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ، لاَ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا عَبْدُ الصَّمَدُ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حدثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا قَتَادَةُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، هُوَ ابْنُ الشِّخِّيرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَمْ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ: فِي شَهْرٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لَهُ: اقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ قَالَ: إنِّي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ عليه السلام: لاَ يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ. فإن قيل: قَدْ كَانَ عُثْمَانُ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ قلنا: قَدْ كَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَقَالَ تَعَالَى: وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، حدثنا شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ كِلاَهُمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ فَهُوَ رَاجِزٌ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ، حدثنا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ؛ وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَكْرَهُ ذَلِكَ فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثًا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ: اقْرَأْهُ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لاَ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ . فَإِنَّ رِوَايَةَ عَطَاءٍ لِهَذَا الْخَبَرِ مُضْطَرِبَةٌ مَعْلُولَةٌ، وَعَطَاءٌ قَدْ اخْتَلَطَ بِأَخَرَةٍ رُوِّينَا هَذَا الْخَبَرَ نَفْسَهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: اقْرَأْ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ، قَالَ: فَنَاقَصَنِي وَنَاقَصْتُهُ. قَالَ عَطَاءٌ: فَاخْتَلَفْنَا عَنْ أَبِي؛ فَقَالَ بَعْضُنَا: سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَقَالَ بَعْضُنَا خَمْسَةٍ. قَالَ عَلِيٌّ: فَعَطَاءٌ يَعْتَرِفُ بِاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَبِيهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُحَقِّقْ مَا قَالَ أَبُوهُ فَإِنْ ذَكَرُوا: أَنَّ دَاوُد عليه السلام كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي سَاعَةٍ قلنا: قُرْآنُ دَاوُد هُوَ الزَّبُورُ، لاَ هَذَا الْقُرْآنُ، وَشَرِيعَتُهُ غَيْرُ شَرِيعَتِنَا وَدَاوُد عليه السلام لَمْ يُبْعَثْ إلاَّ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، لاَ إلَيْنَا؛ وَمُحَمَّدٌ عليه السلام هُوَ الَّذِي بُعِثَ إلَيْنَا، صَحَّ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ تَعَالَى: وَأَمَّا قِيَامُ اللَّيْلِ فَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُمْ لَيْلَةً قَطُّ حَتَّى الصَّبَاحِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: وَأَحَبُّ الصَّلاَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى صَلاَةُ دَاوُد كَانَ يَرْقُدُ شَطْرَ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَقُومُ ثُمَّ يَرْقُدُ آخِرَهُ ثُمَّ يَقُومُ ثُلُثَ اللَّيْلِ بَعْدَ شَطْرِهِ. قَالَ عَلِيٌّ: فَإِذْ هَذَا أَحَبُّ الصَّلاَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَمَا زَادَ عَلَى هَذَا فَهُوَ دُونَ هَذَا بِلاَ شَكٍّ؛ فَإِذَا كَانَ دُونَ هَذَا فَهُوَ ضَائِعٌ لاَ أَجْرَ فِيهِ؛ فَهُوَ تَكَلُّفٌ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْ التَّكَلُّفِ وَقَدْ مَنَعَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ كُلِّهِ: سَلْمَانُ، وَمُعَاذٌ، وَغَيْرُهُمَا.
وَالْجَهْرُ وَالإِسْرَارُ فِي قِرَاءَةِ التَّطَوُّعِ لَيْلاً وَنَهَارًا: مُبَاحٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إذْ لَمْ يَأْتِ مَنْعٌ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ إيجَابٌ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي قُرْآنٍ، وَلاَ سُنَّةٍ فإن قيل: تَخْفِضُ النِّسَاءُ قلنا: وَلِمَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ مُسْلِمَانِ فِي أَنَّ سَمَاعَ النَّاسِ كَلاَمَ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَاحٌ لِلرِّجَالِ، وَلاَ جَاءَ نَصٌّ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ النِّسَاءِ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَالْجَمْعُ بَيْنَ السُّوَرِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ أَيْضًا: حَسَنٌ وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ بَعْضِ السُّوَرِ فِي الرَّكْعَةِ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ أَيْضًا: حَسَنٌ لِلإِمَامِ وَالْفَذِّ بُرْهَانُ ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما قِرَاءَتَهُمَا " الْبَقَرَةَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ " وَآلَ عِمْرَانَ " كَذَلِكَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم. 297 - مسألة وَجَائِزٌ لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَطَوَّعَ مُضْطَجِعًا بِغَيْرِ عُذْرٍ إلَى الْقِبْلَةِ، وَرَاكِبًا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ دَابَّتُهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا؛ الْحَضَرُ وَالسَّفَرُ سَوَاءٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حدثنا رُوحُ بْنُ عُبَادَةَ أَنَا حُسَيْنُ هُوَ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ: أَنَّهُ سَأَلَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلاَةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا فَقَالَ عليه السلام: إنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ. قَالَ عَلِيٌّ: لاَ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الإِبَاحَةِ إلاَّ مُصَلِّي الْفَرْضَ الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ أَوْ عَلَى الْقُعُودِ فَقَطْ، وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا؛ فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ؛ فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهَا وَهُوَ قَائِمٌ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذِ الْعَنْبَرِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي لَيْلاً طَوِيلاً قَائِمًا، وَلَيْلاً طَوِيلاً قَاعِدًا؛ فَإِذَا قَرَأَ قَائِمًا رَكَعَ قَائِمًا، وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا رَكَعَ قَاعِدًا . قَالَ عَلِيٌّ: كُلُّ هَذَا سُنَّةٌ وَمُبَاحٌ؛ وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حدثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حدثنا شَيْبَانُ، هُوَ ابْنُ فَرُّوخَ عَنْ يَحْيَى، هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ وَهُوَ رَاكِبٌ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ. وبه إلى الْبُخَارِيِّ: حدثنا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى، هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ حَدَّثَنِي جَابِرٌ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. قَالَ عَلِيٌّ: فَهَذَا عُمُومٌ لِلرَّاكِبِ أَيَّ شَيْءٍ رَكِبَ، وَفِي كُلِّ حَالٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ، وَهَذَا الْعُمُومُ زَائِدٌ عَلَى كُلِّ خَبَرٍ وَرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَلاَ يَجُوزُ تَرْكُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَغَيْرِهِ. وَلَمْ يَأْتِ فِي الرَّاجِلِ نَصٌّ أَنْ يَتَطَوَّعَ مَاشِيًا، وَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ، فَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِ الرَّاكِبِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى رِحَالِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِمْ. وَهَذِهِ حِكَايَةٌ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، رضي الله عنهم، عُمُومًا فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 298 - مسألة وَيَكُونُ سُجُودُ الرَّاكِبِ وَرُكُوعُهُ إذَا صَلَّى إيمَاءً: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ، يُومِئُ إيمَاءً، وَذَكَرَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ. 299 - مسألة وَأَمَّا صَلاَةُ الْفَرْضِ فَلاَ يَحِلُّ لاَِحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَهَا إلاَّ وَاقِفًا إلاَّ لِعُذْرٍ: مِنْ مَرَضٍ، أَوْ خَوْفٍ مِنْ عَدُوٍّ ظَالِمٍ؛ أَوْ مِنْ حَيَوَانٍ؛ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ أَوْ ضَعْفٍ عَنْ الْقِيَامِ كَمَنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ؛ أَوْ مَنْ صَلَّى مُؤْتَمًّا بِإِمَامٍ مَرِيضٍ، أَوْ مَعْذُورٍ فَصَلَّى قَاعِدًا فَإِنَّ هَؤُلاَءِ يُصَلُّونَ قُعُودًا؛ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ الإِمَامُ عَلَى الْقُعُودِ، وَلاَ الْقِيَامِ: صَلَّى مُضْطَجِعًا وَصَلُّوا كُلُّهُمْ خَلْفَهُ مُضْطَجِعِينَ، وَلاَ بُدَّ، وَإِنْ كَانَ فِي كِلاَ الْوَجْهَيْنِ مُذَكِّرًا يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ صَلَّى إنْ شَاءَ قَائِمًا إلَى جَنْبِ الإِمَامِ، وَإِنْ شَاءَ صَلَّى كَمَا يُصَلِّي إمَامُهُ. فأما الْخَائِفُ، وَالْمَرِيضُ؛ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَمَّا مَنْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ يُصَلِّي قَاعِدًا لِعُذْرٍ، فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَمَنْ قَلَّدَهُ: لاَ يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ الْمَرِيضُ قَاعِدًا الأَصِحَّاءَ إلاَّ رِوَايَةً رَوَاهَا عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ مُوَافِقَةً لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وقال أبو حنيفة وَالشَّافِعِيُّ: يَؤُمُّ الْمَرِيضُ قَاعِدًا: الأَصِحَّاءَ، إلاَّ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ وَرَاءَهُ قِيَامًا، وَلاَ بُدَّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَلاَ يَؤُمُّ الْمُصَلِّي مُضْطَجِعًا لِعُذْرٍ: الأَصِحَّاءَ أَصْلاً وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابُنَا: يَؤُمُّ الْمَرِيضُ قَاعِدًا: الأَصِحَّاءَ، وَلاَ يُصَلُّونَ وَرَاءَهُ إلاَّ قُعُودًا كُلُّهُمْ، وَلاَ بُدَّ قَالَ عَلِيٌّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ إلاَّ فِيمَنْ يُصَلِّي إلَى جَنْبِ الإِمَامِ يُذَكِّرُ النَّاسَ وَيُعْلِمُهُمْ تَكْبِيرَ الإِمَامِ؛ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا. قَالَ عَلِيٌّ: فَنَظَرْنَا هَلْ جَاءَ فِي هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانٌ فَوَجَدْنَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا مَالِكٌ عن ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وَذَكَرَ كَلاَمَهُ عليه السلام وَفِيهِ، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حدثنا الْمُغِيرَةُ الْحِزَامِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ. وبه إلى مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَأَبُو كُرَيْبٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ :، وَاللَّفْظُ لَهُ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانِ، وَقَالَ أَبُو الرَّبِيعِ: حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَقَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ؛ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حدثنا أَبِي، ثُمَّ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَعُودُونَهُ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فَصَلَّوْا بِصَلاَتِهِ قِيَامًا؛ فَأَشَارَ إلَيْهِمْ: أَنْ اجْلِسُوا فَجَلَسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا. وَرُوِّينَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ، فَالْتَفَتَ إلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا، فَأَشَارَ إلَيْنَا فَقَعَدْنَا فَصَلَّيْنَا بِصَلاَتِهِ قُعُودًا فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: إنْ كِدْتُمْ آنِفًا تَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ فَلاَ تَفْعَلُوا وَائْتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُمْ إنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا، وَرَوَاهُ أَيْضًا قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَهَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَأَبُو عَلْقَمَةَ وَأَبُو يُونُسَ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ وَمِنْ طَرِيقِ الأَسْوَدِ عَنْهَا فَصَارَ نَقْلَ تَوَاتُرٍ؛ فَوَجَبَ لِلْعِلْمِ؛ فَلَمْ يَجُزْ لاَِحَدٍ خِلاَفُ ذَلِكَ. فَنَظَرْنَا فِيمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْمَالِكِيُّونَ فِي مَنْعِهِمْ مِنْ صَلاَةِ الْجَالِسِ لِمَرَضٍ أَوْ عُذْرٍ لِلأَصِحَّاءِ، فَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ شَيْئًا أَصْلاً، إلاَّ أَنَّ قَائِلَهُمْ قَالَ: هَذَا خُصُوصٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ يَؤُمَّنَّ أَحَدُكُمْ بَعْدِي جَالِسًا قال علي: وهذا لاَ شَيْءَ. أَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ هَذَا خُصُوصٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَاطِلٌ؛ لاَِنَّ نَصَّ الْحَدِيثِ يُكَذِّبُ هَذَا الْقَوْلِ؛ لاَِنَّهُ عليه السلام قَالَ فِيهِ: إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا فَصَحَّ أَنَّهُ عليه السلام عَمَّ بِذَلِكَ كُلَّ إمَامٍ بَعْدَهُ بِلاَ إشْكَالٍ. وقوله تعالى: وَأَمَّا حَدِيثُ الشَّعْبِيِّ فَبَاطِلٌ؛ لاَِنَّهُ رِوَايَةُ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ الْكَذَّابِ الْمَشْهُورِ بِالْقَوْلِ بِرَجْعَةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَمُجَالِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَهُوَ مُرْسَلٌ مَعَ ذَلِكَ. وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ الْمَالِكِيِّينَ يُوهِنُونَ رِوَايَاتِ أَهْلِ الْكُوفَةِ الَّتِي لاَ نَظِيرَ لَهَا، وَلاَ يَجِدُونَ فِي رِوَايَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَصَحَّ مِنْهَا أَصْلاً؛ فَمَا نَعْلَمُ لاَِهْلِ الْمَدِينَةِ أَصَحَّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الأَسْوَدِ، وَعَلْقَمَةَ، وَمَسْرُوقٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَابْنِ مَسْعُودٍ: ثُمَّ لاَ يُبَالُونَ هَاهُنَا بِتَغْلِيبِ أَفَتْنِ رِوَايَةٍ لاَِهْلِ الْكُوفَةِ وَأَخْبَثِهَا عَلَى أَصَحِّ رِوَايَةٍ لاَِهْلِ الْمَدِينَةِ، كَالزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَأَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ، كُلِّهِمْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا بَعْدَ هَذَا عَجَبٌ وأعجب مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ أَفْعَالَهُ عليه السلام كَأَوَامِرِهِ، ثُمَّ لَمْ يُبَالُوا هَاهُنَا بِخِلاَفِ آخِرِ فِعْلٍ فَعَلَهُ عليه السلام فَإِنَّ آخِرَ صَلاَةٍ صَلاَّهَا عليه السلام بِالنَّاسِ قَاعِدًا، كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ قَالُوا: إنَّ صَلاَةَ الْقَاعِدِ نَاقِصَةُ الْفَضْلِ عَنْ صَلاَةِ الْقَائِمِ، فَكَيْفَ يَؤُمُّ الصَّحِيحَ قلنا: إنَّمَا يَكُونُ نَاقِصَ الْفَضْلِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ، أَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَفُسِحَ لَهُ فِي الْقُعُودِ، وَأَمَّا إذَا اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ الْقُعُودُ فَلاَ نُقْصَانَ لِفَضْلِ صَلاَتِهِ حِينَئِذٍ، ثُمَّ مَا فِي هَذَا مِمَّا يَمْنَعُ أَنْ يَؤُمَّ الأَنْقَصُ فَضْلاً مَنْ هُوَ أَتَمُّ فَضْلاً فِي صَلاَتِهِ مِنْهُ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنْ لاَ صَلاَةَ لاَِحَدٍ أَفْضَلَ مِنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ائْتَمَّ بِأَبِي بَكْرٍ، وَبِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَهُمَا أَنْقُصُ صَلاَةً مِنْهُ بِلاَ شَكٍّ وَقَدْ يَؤُمُّ عِنْدَكُمْ الْمُسَافِرُ وَصَلاَتُهُ رَكْعَتَانِ هَذَا الْمُقِيمَ وَفَرْضُهُ أَرْبَعٌ؛ فَلِمَ أَجَزْتُمْ ذَلِكَ وَمَنَعْتُمْ هَذَا لَوْلاَ التَّحَكُّمُ بِلاَ بُرْهَانٍ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ، وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ. ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، فَوَجَدْنَاهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلاَةِ جُلُوسًا خَلْفَ الإِمَامِ الْجَالِسِ لِعُذْرٍ، أَوْ مَرَضٍ مَنْسُوخٌ، فَسَأَلْنَاهُمْ: بِمَاذَا فَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حدثنا زَائِدَةُ، حدثنا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُتْبَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَسَأَلْتُهَا عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ الْخَبَرَ؛ وَفِيهِ: عَهْدُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى أَبِي بَكْرٍ بِالصَّلاَةِ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِالنَّاسِ تِلْكَ الأَيَّامَ ثُمَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ، لِصَلاَةِ الظُّهْرِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ لاَ يَتَأَخَّرَ، وَقَالَ لَهُمَا: أَجْلِسَانِي إلَى جَنْبِهِ، فَأَجْلَسَاهُ إلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي، وَهُوَ قَائِمٌ بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ فَذَكَرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ عَرَضَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَمْ يُنْكِرْ مِنْهُ شَيْئًا. وبه إلى مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَذَكَرَتْ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي الصَّلاَةِ وَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، وَرِجْلاَهُ تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ فَذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَأَوْمَأَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقِمْ مَكَانَك فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا، وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا، يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلاَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ وبه إلى مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ هُوَ عَلِيٌّ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، فَذَكَرَتْ هَذَا الْحَدِيثَ وَفِيهِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُهُمْ التَّكْبِيرَ. قَالَ عَلِيٌّ: فَنَظَرْنَا فِي هَذَا الْخَبَرِ، فَلَمْ نَجِدْ فِيهِ لاَ نَصًّا، وَلاَ دَلِيلاً عَلَى مَا ادَّعَوْهُ مِنْ نَسْخِ الأَمْرِ بِأَنْ يُصَلِّيَ الأَصِحَّاءُ قُعُودًا خَلْفَ الإِمَامِ الْمُصَلِّي قَاعِدًا لِعُذْرٍ، إذْ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ، وَلاَ إشَارَةٌ بِأَنَّ النَّاسَ صَلَّوْا خَلْفَهُ عليه السلام قِيَامًا، حَاشَا أَبَا بَكْرٍ الْمُسْمِعَ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ فَقَطْ؛ فَلَمْ تَجُزْ مُخَالَفَةُ يَقِينِ أَمْرِهِ عليه السلام بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ بِأَنْ يُصَلِّيَ النَّاسُ جُلُوسًا: لِظَنٍّ كَاذِبٍ لاَ يَصِحُّ أَبَدًا، بَلْ لاَ يَحِلُّ أَلْبَتَّةَ أَنْ يُظَنَّ بِالصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، مُخَالَفَةُ أَمْرِهِ عليه السلام كَيْفَ وَفِي نَصِّ لَفْظِ الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يُصَلُّوا إلاَّ قُعُودًا وَذَلِكَ لاَِنَّ فِيهِ: أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقْتَدُونَ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَبِالضَّرُورَةِ نَدْرِي أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا قِيَامًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ لَمَا اقْتَدَى بِصَلاَتِهِ إلاَّ الصَّفُّ الأَوَّلُ فَقَطْ؛ وَأَمَّا سَائِرُ الصُّفُوفِ فَلاَ؛ لاَِنَّهُمْ كَانُوا لاَ يَرَوْنَهُ؛ لاَِنَّ الصَّفَّ الأَوَّلَ يَحْجُبُهُمْ عَنْهُ، وَالصُّفُوفُ خَلْفَهُ عليه السلام كَانَتْ مَرْصُوصَةً، لاَ مُتَنَابِذَةً، وَلاَ مُتَقَطِّعَةً، فَإِذْ فِي نَصِّ الْخَبَرِ، وَلَفْظِهِ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَدُونَ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ، فَهَذَا خَبَرٌ عَنْ جَمِيعِهِمْ؛ فَصَحَّ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي حَالٍ يَرَوْنَهُ كُلُّهُمْ، فَيَصِحُّ لَهُمْ الاِقْتِدَاءُ بِصَلاَتِهِ، وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ إلاَّ فِي حَالِ قُعُودِهِمْ، وَلاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُ لَفْظِ الْخَبَرِ، وَلاَ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ إلاَّ بِنَصٍّ جَلِيٍّ. ثُمَّ لَوْ كَانَ فِي الْحَدِيثِ نَصًّا: أَنَّهُمْ صَلَّوْا قِيَامًا وَهَذَا لاَ يُوجَدُ أَبَدًا لَمَا كَانَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى النَّسْخِ أَلْبَتَّةَ، بَلْ كَانَ يَكُونُ حِينَئِذٍ إبَاحَةً فَقَطْ، وَبَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ الأَمْرَ الْمُتَقَدَّمَ نَدْبٌ، وَلاَ مَزِيدَ كَمَا قلنا فِي الْمُذَكَّرِ: إنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا، وَفِي الصَّفِّ إنْ شَاءَ أَوْ إلَى جَنْبِ الإِمَامِ. فَبَطَلَ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ جُمْلَةً، وَظَهَرَ تَنَاقُضُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إجَازَتِهِ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرِيضُ قَاعِدًا بِالأَصِحَّاءِ قِيَامًا، وَمَنَعَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرِيضُ مُضْطَجِعًا الأَصِحَّاءَ، وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ أَصْلاً، وَقَدْ اعْتَرَضَ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الْخَبَرِ بِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ هُوَ الإِمَامَ. وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ، حدثنا حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: آخِرُ صَلاَةٍ صَلاَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْقَوْمِ: صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ. وبه إلى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عِيسَى قَالَ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَذْكُرُ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِالنَّاسِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّفِّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ ثني أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ، حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبِّرِ، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِالنَّاسِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ، قَالَ عَلِيٌّ: وَلاَ مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِهَذَا؛ لاَِنَّهُمَا صَلاَتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ بِلاَ شَكٍّ. إحْدَاهُمَا: الَّتِي رَوَاهَا الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ عَنْهَا، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، صِفَتُهَا: أَنَّهُ عليه السلام إمَامُ النَّاسِ، وَالنَّاسُ خَلْفَهُ، وَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَنْ يَمِينِهِ عليه السلام، فِي مَوْقِفِ الْمَأْمُومِ، يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالصَّلاَةُ الثَّانِيَةُ: الَّتِي رَوَاهَا مَسْرُوقٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَحُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ، صِفَتُهَا: أَنَّهُ عليه السلام كَانَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فِي الصَّفِّ مَعَ النَّاسِ فَارْتَفَعَ الإِشْكَالُ جُمْلَةً. وَلَيْسَتْ صَلاَةً وَاحِدَةً فِي الدَّهْرِ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى التَّعَارُضِ، بَلْ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسُ صَلَوَاتٍ، وَمَرَضُهُ عليه السلام كَانَ مُدَّةَ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا مَرَّتْ فِيهَا سِتُّونَ صَلاَةً أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. وَقَدْ اعْتَرَضَ قَوْمٌ فِي هَذَا الْخَبَرِ بِرِوَايَةٍ سَاقِطَةٍ وَاهِيَةٍ، انْفَرَدَ بِهَا إسْرَائِيلُ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ وَلَيْسَ بِمَشْهُورِ الْحَالِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَتَمَّ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى أَبُو بَكْرٍ مِنْ الْقِرَاءَةِ، قَالَ: وَأَنْتُمْ لاَ تَقُولُونَ بِهَذَا. قَالَ عَلِيٌّ: وَالْجَوَابُ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الْمُطَّرَحَةَ لاَ يُعَارَضُ بِهَا مَا رَوَاهُ مِثْلُ إبْرَاهِيمَ عَنْ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَيْضًا: فَلَوْ صَحَّ هَذَا الْفِعْلُ لَقُلْنَا بِهِ وَلَحَمَلْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام قَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ الَّتِي لاَ بُدَّ مِنْهَا وَاَلَّتِي لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ قَرَأَهَا كَمَا لاَ بُدَّ مِنْ الطَّهَارَةِ وَمِنْ الْقِبْلَةِ؛ وَمِنْ التَّكْبِيرِ، وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ بَدَأَ عليه السلام بِالْقِرَاءَةِ فِي السُّورَةِ مِنْ حَيْثُ وَقَفَ أَبُو بَكْرٍ، وَهَذَا حَسَنٌ جِدًّا مُبَاحٌ جَيِّدٌ. وَأَيْضًا: فَإِنَّ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، ذَكَرَتْ: أَنَّهَا كَانَتْ صَلاَةَ الظُّهْرِ، وَهِيَ سِرٌّ؛ فَبَطَلَ مَا رَوَاهُ إسْرَائِيلُ. وَأَيْضًا: فَلَوْ بَطَلَ هَذَا الْخَبَرُ مِنْ صَلاَتِهِ عليه السلام فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: لَخَلُصَ أَمْرُهُ عليه السلام الْمُصَلَّيْنَ خَلْفَهُ فِي مَرَضِهِ إذْ سَقَطَ مِنْ فَرَسٍ فَوَثِئَتْ رِجْلُهُ الطَّاهِرَةُ بِالْقُعُودِ، وَبِالصَّلاَةِ خَلْفَ الإِمَامِ الْجَالِسِ جُلُوسًا، الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٍ وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، بَاقِيًا لاَ مُعَارِضَ لَهُ، وَلاَ مُعْتَرَضَ فِيهِ لاَِحَدٍ، وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ. قَالَ عَلِيٌّ: وَبِمِثْلِ قَوْلِنَا يَقُولُ جُمْهُورُ السَّلَفِ، رضي الله عنهم،: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: الإِمَامُ أَمِينٌ، فَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا، وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: إنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ بِهِ وَجَعٌ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ قَاعِدًا وَأَصْحَابُهُ قُعُودًا. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ الْحُضَيْرِ اشْتَكَى فَكَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ جَالِسًا. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَأَخْبَرَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ قَهْدٍ الأَنْصَارِيُّ أَنَّ إمَامًا لَهُمْ اشْتَكَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يَؤُمُّنَا جَالِسًا وَنَحْنُ جُلُوسٌ. قَالَ عَلِيٌّ: فَهَؤُلاَءِ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٌ، وَأُسَيْدُ، وَكُلُّ مَنْ مَعَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَعَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ مَسْجِدِهِ، لاَ مُخَالِفَ لَهُمْ يُعْرَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، أَصْلاً؛ كُلُّهُمْ يَرْوِي إمَامَةَ الْجَالِسِ لِلأَصِحَّاءِ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ خِلاَفٌ لاَِبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ فِي أَنْ يُصَلِّيَ الأَصِحَّاءُ وَرَاءَهُ جُلُوسًا، وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّهُ أَمَرَ الأَصِحَّاءَ بِالصَّلاَةِ خَلْفَ الْقَاعِدِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: مَا رَأَيْت النَّاسَ إلاَّ عَلَى أَنَّ الإِمَامَ إذَا صَلَّى قَاعِدًا صَلَّى مَنْ خَلْفَهُ قُعُودًا؛ قَالَ: وَهِيَ السُّنَّةُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ. وَرُوِّينَا عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَفَّانَ بْنَ مُسْلِمٍ قَالَ: أَتَيْنَا حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ يَوْمًا، وَقَدْ صَلَّوْا الصُّبْحَ، فَقَالَ: إنَّا أَحْيَيْنَا الْيَوْمَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلنا: مَا هِيَ يَا أَبَا إسْمَاعِيلَ قَالَ: كَانَ إمَامُنَا مَرِيضًا، فَصَلَّى بِنَا جَالِسًا، فَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ جُلُوسًا. وَبِإِمَامَةِ الْجَالِسِ لِلأَصِحَّاءِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَدَاوُد وَجُمْهُورُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ التَّابِعِينَ مَنَعَ مِنْ جَوَازِ صَلاَةِ الْمَرِيضِ قَاعِدًا بِالأَصِحَّاءِ؛ إلاَّ شَيْئًا رُوِيَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا مَنْعًا مِنْ جَوَازِهَا. قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلُ: يُصَلِّي الْمَرِيضُ الَّذِي لاَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ، وَلاَ عَلَى الْقُعُودِ بِالأَصِحَّاءِ مُضْطَجِعًا؛ إلاَّ أَنَّهُ رَأَى أَنْ يُصَلُّوا وَرَاءَهُ قِيَامًا قال علي: وهذا خَطَأٌ؛ بَلْ لاَ يُصَلُّونَ وَرَاءَهُ إلاَّ مُضْطَجِعِينَ مُومِئِينَ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَهَذَا عُمُومٌ مَانِعٌ لِلاِخْتِلاَفِ عَلَى الإِمَامِ جُمْلَةً. وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ عليه السلام: إذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا بِمَانِعٍ مِنْ أَنْ يَأْتَمُّوا بِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ؛ فَوَجَبَ الاِئْتِمَامُ بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ، إلاَّ حَالاً خَصَّهَا نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ فَقَطْ. وَأَمَّا الْمَرِيضُ خَلْفَ الصَّحِيحِ؛ فَإِنَّ الصَّحِيحَ يُصَلِّي قَائِمًا، وَالْمَرِيضُ يَأْتَمُّ بِهِ جَالِسًا أَوْ مُضْطَجِعًا؛ لاَِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ صَلاَةٍ صَلاَّهَا مَعَ النَّاسِ فِي جَمَاعَةٍ صَلَّى قَاعِدًا خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَمْرِهِ عليه السلام بِأَنْ لاَ يَخْتَلِفَ عَلَى الإِمَامِ. وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ رَاكِبًا، وَلاَ مَاشِيًا إلاَّ فِي حَالِ الْخَوْفِ فَقَطْ؛ وَسَوَاءٌ خَافَ طَالِبًا لَهُ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ أَوْ خَافَ نَارًا، أَوْ سَيْلاً، أَوْ حَيَوَانًا عَادِيًا، أَوْ مَطَرًا، أَوْ فَوْتَ رُفْقَةٍ، أَوْ تَأَخُّرًا عَنْ بُلُوغِ مَحَلِّهِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ} فَلَمْ يَفْسَحْ تَعَالَى فِي الصَّلاَةِ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلاً مَاشِيًا إلاَّ لِمَنْ خَافَ؛ وَلَمْ يَخُصَّ عَزَّ وَجَلَّ خَوْفًا مِنْ خَوْفٍ؛ فَلاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ أَصْلاً. وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمَالِكِيِّينَ مَنَعُوا مِنْ الصَّلاَةِ كَذَلِكَ إلاَّ مَنْ خَافَ طَالِبًا، وَهُمْ يَقُولُونَ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ الْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْض: إنَّ مُبَاحًا لَهُمْ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَالْمُحَرَّمَاتِ فِي حَالِ تَمَادِيهِمْ عَلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ وَقَتْلِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا فَخَصُّوا مَا عَمَّ اللَّهُ تَعَالَى بِلاَ دَلِيلٍ، وَأَتَوْا إلَى قوله تعالى: وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ أَجَازَ الْقَصْرَ لِلْمُسَافِرِ فِي مَعْصِيَةٍ؛ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِثْلَهُ؛ إذْ هُوَ مِنْ أَصْحَابِ الْقِيَاسِ، وَأَمَّا نَحْنُ فَمَا اتَّبَعْنَا إلاَّ النَّصَّ فَقَطْ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَمَا عَمِلَهُ الْمَرْءُ فِي صَلاَتِهِ مِمَّا أُبِيحَ لَهُ مِنْ الدِّفَاعِ عَنْهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلاَ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْمُحَارَبَةُ لِلظَّالِمِ، وَإِطْفَاءُ النَّارِ الْعَادِيَةِ، وَإِنْقَاذُ الْمُسْلِمِ، وَفَتْحُ الْبَابِ؛ قَلَّ ذَلِكَ الْعَمَلُ أَمْ كَثُرَ. وَكُلُّ مَا تَعَمَّدَ الْمَرْءُ عَمَلَهُ فِي صَلاَتِهِ مِمَّا لَمْ يُبَحْ لَهُ عَمَلُهُ فِيهَا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ بِذَلِكَ قَلَّ ذَلِكَ الْعَمَلُ أَمْ كَثُرَ. وَكُلُّ مَا فَعَلَهُ الْمَرْءُ نَاسِيًا فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يُبَحْ لَهُ فِعْلُهُ: فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلاَّ سُجُودُ السَّهْوِ فَقَطْ؛ قَلَّ ذَلِكَ الْعَمَلُ أَمْ كَثُرَ. وقال أبو حنيفة: لاَ يَجُوزُ لاَِحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ يُقَاتِلُ؛ لَكِنْ يَدَعُونَ الصَّلاَةَ، وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا، وَإِنْ ذَهَبَتْ صَلاَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ؛ فَإِذَا ذَهَبَ الْقِتَالُ قَضَوْهَا. وَرَأَى أَنَّ الْكَلاَمَ نَاسِيًا يُبْطِلُ الصَّلاَةَ؛ كَمَا يُبْطِلُهُ الْعَمْدُ، وَرَأَى السَّلاَمَ مِنْ الصَّلاَةِ عَمْدًا يُبْطِلُهَا قَبْلَ وَقْتِ وُجُوبِهِ، فَإِنْ كَانَ بِالنِّسْيَانِ لَمْ تَبْطُلْ بِهِ الصَّلاَةُ. قَالَ: فَلَوْ أَرَادَ مُرِيدٌ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فَقَالَ الْمُصَلِّي: سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ أَشَارَ بِيَدِهِ؛ لِيَرُدَّهُ كَرِهْت ذَلِكَ، وَلاَ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ بِذَلِكَ؛ فَلَوْ قَالَ لَهُ قَائِلٌ كَلاَمًا فَقَالَ لَهُ الْمُصَلِّي: سُبْحَانَ اللَّهِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. فَلَوْ عَطَسَ الْمُصَلِّي فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَحَرَّكَ بِذَلِكَ لِسَانَهُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. وَمَنْ دَعَا لاِِنْسَانٍ أَوْ عَلَيْهِ فَسَمَّاهُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، وَرَأَى الْحَدَثَ بِالْغَلَبَةِ مِنْ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ لاَ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلاَةُ، وَلَكِنْ تَبْطُلُ بِهِ الطَّهَارَةُ فَقَطْ. وَرَأَى مَنْ أَخْرَجَ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ طَعَامًا بِلِسَانِهِ فَابْتَلَعَهُ عَامِدًا: أَنَّ صَلاَتَهُ تَامَّةٌ؛ وَحَدَّ بَعْضُ أَصْحَابِهِ ذَلِكَ بِمِقْدَارِ الْحِمَّصَةِ. قَالَ: وَإِنْ بَدَأَ الصَّلاَةَ رَاكِبًا ثُمَّ أَمِنَ فَنَزَلَ بَنَى، فَإِنْ بَدَأَهَا نَازِلاً ثُمَّ خَافَ فَرَكِبَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. وَرَأَى قَتْلَ الْقَمْلَةِ وَالْبُرْغُوثِ فِي الصَّلاَةِ لاَ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلاَةُ، وَرَأَى النَّفْخَ فِي الصَّلاَةِ يُبْطِلُ الصَّلاَةَ. وَرَأَى سَائِرَ الأَعْمَالِ الَّتِي تُبْطِلُ الصَّلاَةَ بِالْعَمْدِ تُبْطِلُهَا بِالنِّسْيَانِ. وَرَأَى مَالِكٌ: الْكَلاَمَ، وَالسَّلاَمَ، وَالْعَمَلَ: كُلَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ الصَّلاَةَ بِالْعَمْدِ، بَعْضُ ذَلِكَ يَحُدُّ فِيهِ بُطْلاَنَ الصَّلاَةِ بِالْكَثِيرِ مِنْ ذَلِكَ دُونَ الْقَلِيلِ، وَبَعْضُهُ بِالْقَلِيلِ وَبِالْكَثِيرِ. وَرَأَى أَيْضًا: الْكَلاَمَ، وَالْعَمَلَ، وَالسَّلاَمَ، بِالنِّسْيَانِ لاَ يُبْطِلُ شَيْءٌ مِنْهُ الصَّلاَةَ؛ فَإِنْ كَثُرَ بِالنِّسْيَانِ بَطَلَتْ بِهِ الصَّلاَةُ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي النَّفْخِ هَلْ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلاَةُ أَمْ لاَ. وَرَأَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا بَلَغَ فِي صَلاَتِهِ مِمَّا بَيْنَ أَسْنَانِهِ الْحَبَّةَ وَنَحْوَهَا عَمْدًا فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. وَلَمْ يَرَ التَّسْبِيحَ لِلْعَارِضِ بِغَرَضٍ يُبْطِلُ الصَّلاَةَ، وَكَرِهَ قَوْلَ الْمُصَلِّي إذَا عَطَسَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ " وَلَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ بِذَلِكَ. وَكَرِهَ قَتْلَ الْبُرْغُوثِ وَالْقَمْلَةِ فِي الصَّلاَةِ، وَلَمْ يَرَهَا تَبْطُلُ، وَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ. وَأَجَازَ لِلْمُصَلِّي رَمْيَ الْعُصْفُورِ فِي الصَّلاَةِ، وَلَمْ يَرَهَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ، وَأَمَرَ الْمُحَارَبَ أَنْ يُصَلِّيَ إيمَاءً، فَإِنْ ابْتَدَأَ الصَّلاَةَ رَاكِبًا لِخَوْفٍ ثُمَّ أَمِنَ فَنَزَلَ، أَوْ ابْتَدَأَهَا نَازِلاً ثُمَّ خَافَ فَرَكِبَ: بَنَى فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ. وقال الشافعي: إنْ اُضْطُرَّ الْمُحَارِبُ إلَى الْقِتَالِ، فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَ الضَّرْبَةَ وَيَطْعَنَ الطَّعْنَةَ، فَإِنْ تَابَعَ الضَّرْبَ وَالطَّعْنَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، فَإِنْ صَلَّى مُبْتَدِئًا لِلصَّلاَةِ وَهُوَ رَاكِبٌ ثُمَّ أَمِنَ فَنَزَلَ بَنَى عَلَى صَلاَتِهِ؛ إلاَّ أَنْ يُحَوِّلَ وَجْهَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ فَتَبْطُلُ صَلاَتُهُ. فَإِنْ بَدَأَ الصَّلاَةَ نَازِلاً ثُمَّ حَدَثَ خَوْفٌ فَرَكِبَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَابْتَدَأَهَا قَالَ: وَمَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ طَعَامٌ يَجْرِي مَجْرَى الرِّيقِ فَابْتَلَعَهُ، وَلَمْ يَمْلِكْ غَيْرَ ذَلِكَ فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ؛ فَإِنْ مَضَغَهُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، وَلَمْ يَرَ التَّسْبِيحَ، وَلاَ التَّصْفِيقَ يُنْقِصَانِ الصَّلاَةَ. وَرَأَى قَتْلَ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلاَةِ مُبَاحًا، وَكُلَّ عَمَلٍ خَفِيفٍ جَاءَ بِمِثْلِهِ أَثَرٌ لَمْ يَقْطَعْهَا، وَرَأَى الْعَمَلَ الْكَثِيرَ وَالْمَشْيَ الْكَثِيرَ بِالنِّسْيَانِ يُبْطِلُ الصَّلاَةَ. قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذِهِ كُلُّهَا أَقْوَالٌ مُتَنَاقِضَةٌ مُتَخَاذِلَةٌ بِلاَ بُرْهَانٍ، وأعجب ذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَمَلِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ بِلاَ دَلِيلٍ. ثُمَّ مَا هُوَ الْقَلِيلُ، وَمَا هُوَ الْكَثِيرُ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لاَ قَلِيلَ إلاَّ، وَهُوَ كَثِيرٌ بِالإِضَافَةِ إلَى مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ، وَلاَ كَثِيرَ إلاَّ، وَهُوَ قَلِيلٌ بِالإِضَافَةِ إلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ؛ وَكُلُّ ذَلِكَ رَأْيٌ فَاسِدٌ بِلاَ بُرْهَانٍ، لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ، لاَ صَحِيحَةٍ، وَلاَ سَقِيمَةٍ، وَلاَ إجْمَاعٍ، وَلاَ قِيَاسٍ، وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلاَ احْتِيَاطٍ، وَلاَ رَأْيٍ يَصِحُّ. فَمِنْ الأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ فِي الصَّلاَةِ: الاِلْتِفَاتُ لِمَنْ أَحَسَّ بِشَيْءٍ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ وَحَانَتْ الصَّلاَةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إلَى أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأُقِيمَ قَالَ: نَعَمْ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ فِي الصَّلاَةِ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ فَصَفَّقَ النَّاسُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لاَ يَلْتَفِتُ فِي الصَّلاَةِ فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ الْتَفَتَ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشَارَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ اُمْكُثْ مَكَانَكَ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ لاِبْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمْ مِنْ التَّصْفِيحِ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيُسَبِّحْ؛ فَإِنَّهُ إذَا سَبَّحَ اُلْتُفِتَ إلَيْهِ. وبه إلى أَبِي دَاوُد: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ أَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ نَفْسَهُ، وَفِي آخِرِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلاَةِ فَلْيُسَبِّحْ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّحْ النِّسَاءُ. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: إبَاحَةُ التَّسْبِيحِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِبَاحَةُ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَالٍ: وَبُطْلاَنُ قَوْلِ مَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ؛ لاَِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ وَرَاءَهُ يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى رَافِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْهِ؛ فَلَمْ تَبْطُلْ بِذَلِكَ صَلاَتُهُ. وَفِيهِ: أَنَّ التَّصْفِيقَ نَهَى عَنْهُ الرِّجَالَ، وَأَمَرَ بِهِ النِّسَاءَ فِيمَا نَابَهُنَّ فِي الصَّلاَةِ؛ فَإِنْ صَفَّقَ الرَّجُلُ فِي صَلاَتِهِ عَالِمًا بِالنَّهْيِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ؛ لاَِنَّهُ فَعَلَ فِي صَلاَتِهِ مَا نَهَى عَنْهُ؛ فَلَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ. وَإِنْ سَبَّحَتْ الْمَرْأَةُ فَلَمْ تُنْهَ عَنْ التَّسْبِيحِ؛ بَلْ هُوَ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى حَسَنٌ، وَإِنْ صَفَّحَتْ فَحَسَنٌ؛ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَبَثًا وَلِغَيْرِ نَائِبٍ؛ فَهُوَ عَمَلٌ فِي الصَّلاَةِ نُهِينَا عَنْهُ، وَمَنْ فَعَلَ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يُبَحْ لَهُ فَلَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ. وَفِيهِ: إبَاحَةُ الاِلْتِفَاتِ لِلنَّائِبِ يَنُوبُ فِي الصَّلاَةِ؛ فَمَنْ الْتَفَتَ عَبَثًا لِغَيْرِ نَائِبٍ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ؛ لاَِنَّهُ فَعَلَ مَا لَمْ يُبَحْ لَهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَمِعْت أَبَا الأَحْوَصِ يُحَدِّثُنَا فِي مَجْلِسِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ جَالِسٌ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلاً عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فَإِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ انْصَرَفَ عَنْهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا ابْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حدثنا زَائِدَةُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الاِلْتِفَاتِ فِي الصَّلاَةِ فَقَالَ: اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الصَّلاَةِ. قَالَ عَلِيٌّ: مَنْ صَرَفَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ عَنْهُ فِي الصَّلاَةِ فَقَدْ تَرَكَهُ وَلَمْ يَرْضَ عَمَلَهُ، وَإِذَا لَمْ يَرْضَ عَمَلَهُ فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ بِلاَ شَكٍّ. وَقَدْ أَيْقَنَّا أَنَّ الاِلْتِفَاتَ الَّذِي نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَسَخِطَهُ هُوَ غَيْرُ الاِلْتِفَاتِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ، وَعَلِمْنَا أَنَّ مَنْ اخْتَلَسَ الشَّيْطَانُ بَعْضَ صَلاَتِهِ فَلَمْ يُتِمَّهَا، وَإِذَا لَمْ يُتِمَّهَا فَلَمْ يُصَلِّ. وَرُوِّينَا عَنْ وَكِيعٍ عَنْ الْمُعَلَّى بْنِ عِرْفَانَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عن ابْنِ مَسْعُودٍ: لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ الاِلْتِفَاتُ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عن ابْنِ مَسْعُودٍ: لاَ يَزَالُ اللَّهُ تَعَالَى مُقْبِلاً عَلَى الْعَبْدِ بِوَجْهِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ أَوْ يُحْدِثْ يَعْنِي فِي الصَّلاَةِ، وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ آدَمَ بْنِ عَلِيٍّ عن ابْنِ عُمَرَ: يُدْعَى قَوْمٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " الْمَنْقُوصِينَ " الَّذِينَ يَنْقُصُ أَحَدُهُمْ صَلاَتَهُ، وَوُضُوءَهُ، وَالْتِفَاتَهُ. وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَرْبَعٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِي صَلاَتِهِ تَمَّتْ صَلاَتُهُ، فَذَكَرَ مِنْهَا: الاِلْتِفَاتَ، وَالإِشَارَةَ بِالْيَدِ، وَبِالرَّأْسِ لِلْحَاجَةِ، وَالاِسْتِمَاعَ إلَى مَا يَأْتِيهِ، وَهُوَ فِي صَلاَتِهِ لِحَاجَةٍ فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ فَكُلُّ هَذَا مُبَاحٌ فِي الصَّلاَةِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو، هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرٍ، هُوَ ابْنُ الأَشَجِّ عَنْ كُرَيْبٍ هُوَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهُمَا يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا، فَأَرْسَلْتُ إلَيْهِ الْجَارِيَةَ فَقُلْتُ: قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي: تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَأَرَاك تُصَلِّيهِمَا، فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ فَفَعَلَتْ الْجَارِيَةُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ؛ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، سَأَلْتِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَذَكَرَتْ الْحَدِيثَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ إشَارَتَهُ عليه السلام بِيَدِهِ إذْ صَلَّى وَهُوَ جَالِسٌ إلَى الْمُصَلِّينَ وَرَاءَهُ قِيَامًا يَنْهَاهُمْ عَنْ الْقِيَامِ، وَالإِشَارَةُ بِرَدِّ السَّلاَمِ بِالْيَدِ وَالرَّأْسِ فِي الصَّلاَةِ جَائِزَةٌ. كَمَا حَدَّثَنَا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حدثنا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُشِيرُ فِي الصَّلاَةِ وَهَذَا عُمُومٌ فِي كُلِّ مَا نَابَ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا قُتَيْبَةُ، حدثنا اللَّيْثُ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّهُ أَدْرَكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَشَارَ إلَيَّ؛ فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي وَقَالَ: إنَّكَ سَلَّمْتَ عَلَيَّ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي. حدثنا حمام، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، حدثنا الْحُمَيْدِيُّ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حدثنا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مَسْجِدِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءَ لِيُصَلِّيَ فِيهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ الأَنْصَارِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ؛ فَسَأَلْتُ صُهَيْبًا وَكَانَ مَعَهُ: كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ قَالَ: كَانَ يُشِيرُ إلَيْهِمْ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا ابْنُ السُّلَيْمِ، حدثنا الأَعْرَابِيُّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا قُتَيْبَةُ: أَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ حَدَّثَهُمْ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ نَابِلٍ صَاحِبِ الْعَبَاءِ عن ابْنِ عُمَرَ عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: مَرَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ إشَارَةً . قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَعَلَّ هَذِهِ الإِشَارَةَ نَهْيٌ لَهُمْ؛ قال علي: هذا الْكَذِبُ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَنَهَاهُمْ إثْرَ فَرَاغِهِ: وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: رَأَيْت أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَشْهَدَ عَلَى الشَّهَادَةِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ تَأْمُرُ خَادِمَهَا أَنْ تُقَسِّمَ الْمَرَقَةَ، فَتَمُرُّ بِهَا، وَهِيَ فِي الصَّلاَةِ فَتُشِيرُ إلَيْهَا: أَنْ زِيدِي؛ وَتَأْمُرُ بِالشَّيْءِ لِلْمِسْكِينِ تُومِئُ بِهِ، وَهِيَ فِي الصَّلاَةِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ يُشِيرُ إلَى أَوَّلِ رَجُلٍ فِي الصَّفِّ وَرَأَى خَلَلاً: أَنْ تَقَدَّمَ. وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَوْمَأَتْ وَهِيَ فِي الصَّلاَةِ إلَى نِسْوَةٍ: أَنْ كُلْنَ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: إنِّي لاََعُدُّهَا لِلرَّجُلِ عِنْدِي يَدًا أَنْ يَعْدِلَنِي فِي الصَّلاَةِ. وبه إلى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن ابْنِ جُرَيْجٍ: قُلْت لِعَطَاءٍ: يَمُرُّ بِي إنْسَانٌ فَأَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلاَثًا: فَيُقْبِلُ؛ فَأَقُولُ لَهُ بِيَدِي: أَيْنَ تَذْهَبُ فَيَقُولُ: إلَى كَذَا كَذَا وَأَنَا فِي الْمَكْتُوبَةِ، هَلْ انْقَطَعَتْ صَلاَتِي قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ أَكْرَهُهُ، قُلْت: فَاسْجُدْ لِلسَّهْوِ قَالَ: لاَ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّهَا قَامَتْ إلَى الصَّلاَةِ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ، فَأَشَارَتْ إلَى الْمِلْحَفَةِ فَنَاوَلْتهَا، وَكَانَ عِنْدَهَا نِسْوَةٌ فَأَوْمَأَتْ إلَيْهِنَّ بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ بِيَدِهَا تَعْنِي وَهِيَ تُصَلِّي. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: كَانَ يَجِيءُ الرَّجُلاَنِ إلَى الرَّجُلِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ، فَيُشْهِدَانِهِ عَلَى الشَّهَادَةِ، فَيُصْغِي لَهَا سَمْعَهُ، فَإِذَا فَرَغَا يُومِئُ بِرَأْسِهِ أَيْ: نَعَمْ . وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنْ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَسُلِّمَ عَلَيْهِ فَلاَ يَتَكَلَّمَنَّ، وَلْيُشِرْ إشَارَةً فَإِنَّ ذَلِكَ رَدُّهُ. فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ قَوْلَهُ عليه السلام: لاَ غِرَارَ فِي صَلاَةٍ، وَلاَ تَسْلِيمَ. قِيلَ: لَيْسَ هَذَا نَهْيًا عَنْ رَدِّ السَّلاَمِ فِي الصَّلاَةِ بِالإِشَارَةِ، وَلاَ يُفْهَمُ هَذَا مِنْ هَذَا اللَّفْظِ، وَالدَّعْوَى مَرْدُودَةٌ إلاَّ بِبُرْهَانٍ. وَالتَّرْوِيحُ لِمَنْ آذَاهُ الْحَرُّ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وقوله تعالى: وَرُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَدِيِّ عَنْ أَشْعَثَ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيِّ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ لاَ يَرَى بَأْسًا بِالتَّرْوِيحِ فِي الصَّلاَةِ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُ كَانَ يَتَرَوَّحُ فِي الصَّلاَةِ وَيَمْسَحُ الْعَرَقَ. وَمِنْ ذَلِكَ إمَاطَتُهُ عَنْ كُلِّ مَا يُؤْذِيهِ وَيَشْغَلُهُ عَنْ تَوْفِيَةِ صَلاَتِهِ حَقَّهَا: لِمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَلِكَ سُقُوطُ ثَوْبٍ، أَوْ حَكُّ بَدَنٍ، أَوْ قَلْعُ بَثْرَةٍ، أَوْ مَسُّ رِيقٍ، أَوْ وَضْعُ دَوَاءٍ، أَوْ رِبَاطُ مُنْحَلٍّ: إذَا كَانَ كُلُّ ذَلِكَ يُؤْذِيهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ إصْلاَحُ شَأْنِهِ؛ لِيَتَفَرَّغَ لِصَلاَتِهِ. رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: إذَا رَأَى الإِنْسَانُ فِي ثَوْبِهِ دَمًا وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ فَانْصَرَفَ يَغْسِلُهُ أَتَمَّ، صَلَّى مَا بَقِيَ عَلَى مَا مَضَى مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ. قَالَ عَلِيٌّ: وَمَا لَمْ يَنْحَرِفْ عَنْ الْقِبْلَةِ عَامِدًا، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ كَانَ لاَ يَتَحَرَّكُ فِي صَلاَتِهِ إلاَّ أَنْ يُصْلِحَ ثَوْبًا أَوْ يَحُكَّ جِلْدًا. وَأَمَّا مَنْ اسْتَرْخَى ثَوْبُهُ حَتَّى مَسَّ كَعْبَهُ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَهُ؛ لِئَلاَّ يُصَلِّي مُسْبِلاً عَامِدًا فَتَبْطُلُ صَلاَتُهُ. وَحَتُّ النُّخَامَةِ مِنْ حَائِطِ الْمَسْجِدِ الَّذِي فِي قِبْلَتِهِ: لِمَا حَدَّثَنَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعْدٍ، حدثنا اللَّيْثُ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْ النَّاسِ فَحَتَّهَا ثُمَّ قَالَ حِينَ انْصَرَفَ: إنَّ أَحَدَكُمْ إذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلاَ يَتَنَخَّمَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ وَجْهِهِ فِي الصَّلاَةِ. وَقَتْلُ الْحَيَّةِ، وَالْعَقْرَبِ، وَالْغُرَابِ، وَالْحِدَأَةِ، وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَالْفَأْرِ، وَالْوَزَغِ صِغَارِهَا وَكِبَارِهَا: مُبَاحٌ فِي الصَّلاَةِ؛ لِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُسْلِمٌ بْنُ إبْرَاهِيمَ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، حدثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اُقْتُلُوا الأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ الْحَيَّةُ، وَالْعَقْرَبُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حدثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ: مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنْ الدَّوَابِّ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: حَدَّثَتْنِي إحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَالْفَأْرَةِ، وَالْعَقْرَبِ، وَالْحُدَيَّا وَالْغُرَابِ، وَالْحَيَّةِ قَالَ: وَفِي الصَّلاَةِ أَيْضًا . قَالَ عَلِيٌّ: كُلُّ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِقَاتٌ فَوَاضِلُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُقَدَّسَاتٌ بِيَقِينٍ، وَلاَ يُمْكِنُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يَغِيبَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ عِلْمُهُنَّ، وَلاَ عِلْمُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ. فَإِنْ تَأَذَّى بِوَزَغَةٍ، أَوْ بُرْغُوثٍ، أَوْ قَمْلٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُهُنَّ عَنْ نَفْسِهِ. فَإِنْ كَانَ فِي دَفْعِهِ قَتْلُهُنَّ دُونَ تَكَلُّفِ عَمَلٍ شَاغِلٍ عَنْ الصَّلاَةِ فَلاَ حَرَجَ فِي ذَلِكَ؛ لاَِنَّنَا قَدْ رُوِّينَا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَمْرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَمِّ شَرِيكٍ. وَلاَ يَجُوزُ لَهُ التَّفَلِّي فِي الصَّلاَةِ، وَلاَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِرَبْطِ بُرْغُوثٍ، أَوْ قَمْلَةٍ فِي ثَوْبِهِ؛ إذْ لاَ ضَرُورَةَ إلَى ذَلِكَ، وَلاَ جَاءَ النَّصُّ بِإِبَاحَتِهِ، وَلاَ طَلَبُ قَتْلِ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ فِيهَا؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ فِي الصَّلاَةِ لَشُغْلاً. وَمَنْ خَطَرَ عَلَيْهِ مِسْكِينٌ فَخَشِيَ فَوْتَهُ فَلَهُ أَنْ يُنَاوِلَهُ صَدَقَةً وَهُوَ يُصَلِّي وَلَوْ خَشِيَ عَلَى نَعْلَيْهِ أَوْ خُفَّيْهِ مَطَرًا أَوْ أَذًى أَوْ سَرِقَةً فَلَهُ أَنْ يُحَصِّنَهُمَا وَيُزِيلَهُمَا عَنْ مَكَانِ الْخَوْفِ؛ لاَِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ. وَلَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَطَلَبَهُ صَاحِبُهُ فَلْيُشِرْ لَهُ إلَيْهِ، أَوْ لِيُنَاوِلْهُ إيَّاهُ؛ لاَِنَّهَا أَمَانَةٌ تُؤَدَّى إلَى أَهْلِهَا، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِنْ ذَكَرُوا قَوْلَ مَالِكٍ: بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِرَجُلٍ كُسِرَ أَنْفُهُ، فَقَالَ: مَرَّ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الصَّلاَةِ، وَقَدْ بَلَغَنِي مَا سَمِعْت فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: فَمَا صَنَعْت أَشَدَّ يَا ابْنَ أَخِي ضَيَّعْت الصَّلاَةَ، وَكَسَرْت أَنْفَهُ. قال علي: هذا بَلاَغٌ لاَ يَصِحُّ؛ وَلَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ إلاَّ عَلَى الْمُخَالِفِ، لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه أَقَادَ مَنْ كُسِرَ أَنْفُهُ، وَحَتَّى لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِيهِ لَمَا كَانَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ حُجَّةٌ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَأَى مُقَاتَلَتَهُ وَضَرْبَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرُهُ. وَحَمْلُ الْمُصَلِّي صَغِيرًا عَلَى عُنُقِهِ [ أَوْالسُّجُودُ بِهِ إذَا دَعَتْ إلَى حَمْلِهِ حَاجَةٌ جَائِزٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، حدثنا سُفْيَانُ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ سَمِعَا عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيُّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ بِنْتُ زَيْنَبَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ أَعَادَهَا. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حدثنا عَبْدُ الأَعْلَى، حدثنا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ، وَقَدْ دَعَاهُ بِلاَلٌ لِلصَّلاَةِ إذْ خَرَجَ عَلَيْنَا وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ بِنْتُ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَاتِقِهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُصَلاَّهُ، فَقُمْنَا خَلْفَهُ، وَهِيَ فِي مَكَانِهَا الَّذِي هِيَ فِيهِ، فَكَبَّرَ فَكَبَّرْنَا، حَتَّى إذَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْكَعَ أَخَذَهَا فَوَضَعَهَا ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، حَتَّى إذَا فَرَغَ مِنْ سُجُودِهِ وَقَامَ أَخَذَهَا فَرَدَّهَا فِي مَكَانِهَا؛ فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ. وَبِهَذَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ يُثْبِتَانِ كَذِبَ مَنْ خَالَفَهُمَا، وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ فِي نَافِلَةٍ، وَكُلُّ مَا فَعَلَهُ عليه السلام فَهُوَ غَايَةُ الْخُشُوعِ، وَكُلُّ مَا خَالَفَهُ فَهُوَ الْبَاطِلُ، وَإِنْ ظَنَّهُ الْمُخْطِئُ خُشُوعًا. وهذا الخبر بِلاَ شَكٍّ كَانَ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاِبْنِ مَسْعُودٍ إنَّ فِي الصَّلاَةِ لَشُغْلاً؛ لاَِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْهُ عليه السلام كَانَ قَبْلَ بَدْرٍ، إثْرَ مَجِيءِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ بِلاَدِ الْحَبَشَةِ؛ لَمْ تَرِدْ زَيْنَبُ الْمَدِينَةَ وَابْنَتُهَا إلاَّ بَعْدَ بَدْرٍ، بِالأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ فِي ذَلِكَ، وَمَنْ رَكِبَ عَلَى ظَهْرِهِ صَغِيرٌ وَهُوَ يُصَلِّي فَتَوَقَّفَ لِذَلِكَ فَحَسَنٌ. وَمَنْ اسْتَرَابَ بِتَطْوِيلِ الإِمَامِ سُجُودَهُ فَلْيَرْفَعْ رَأْسَهُ لِيَسْتَعْلِمَ: هَلْ خَفِيَ عَنْهُ تَكْبِيرُ الإِمَامِ أَوْ لاَ؛ لاَِنَّهُ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِ الإِمَامِ؛ فَإِنْ رَآهُ لَمْ يَرْفَعْ فَلْيَعُدْ إلَى السُّجُودِ، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لاَِنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ مُرَاعَاةِ حَالِ الإِمَامِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا ابْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَّمٍ الطَّرَسُوسِيُّ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الْبَصْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إحْدَى صَلاَتَيْ الْعِشَاءِ وَهُوَ حَامِلٌ حَسَنًا أَوْ حُسَيْنًا فَوَضَعَهُ ثُمَّ كَبَّرَ لِلصَّلاَةِ فَصَلَّى، فَسَجَدَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلاَتِهِ سَجْدَةً أَطَالَهَا، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الصَّبِيُّ عَلَى ظَهْرِهِ عليه السلام وَهُوَ سَاجِدٌ؛ فَرَجَعْتُ إلَى سُجُودِي فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَتَهُ قَالَ أُنَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّكَ سَجَدْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلاَتِكَ سَجْدَةً أَطَلْتهَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ. وَتَحْرِيكُ مَنْ خَشِيَ الْمُصَلِّي نَوْمَهُ، وَإِدَارَةُ مَنْ كَانَ عَلَى الْيَسَارِ إلَى الْيَمِينِ: مُبَاحٌ كُلُّ ذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي فُدَيْكٍ أَنَا الضَّحَّاكُ، هُوَ ابْنُ عُثْمَانَ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، فَقُلْت لَهَا: إذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَيْقِظِينِي؛ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُمْتُ إلَى جَنْبِهِ الأَيْسَرِ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَجَعَلَنِي مِنْ شِقِّهِ الأَيْمَنِ، فَجَعَلْتُ إذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ. وَيَدْعُو الْمُصَلِّي فِي صَلاَتِهِ فِي سُجُودِهِ وَقِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ بِمَا أَحَبَّ، مِمَّا لَيْسَ مَعْصِيَةً، وَيُسَمِّي فِي دُعَائِهِ مَنْ أَحَبَّ، وَقَدْ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى: عُصَيَّةَ، وَرِعْلٍ، وَذَكْوَانَ. وَدَعَا لِلْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَعَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَسَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ، يُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ، وَمَا نُهِيَ عليه السلام قَطُّ عَنْ هَذَا، وَلاَ نَهَى هُوَ عَنْهُ. وَقَالَ عليه السلام فِي السُّجُودِ أَخْلِصُوا فِيهِ الدُّعَاءَ أَوْ نَحْوَ هَذَا. وَقَالَ: ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ، وَسَنَذْكُرُهَا بِأَسَانِيدِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ أَعْمَالِ الصَّلاَةِ. وَكُلُّ مُنْكَرٍ رَآهُ الْمَرْءُ فِي الصَّلاَةِ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ إنْكَارُهُ، وَلاَ تَنْقَطِعُ بِذَلِكَ صَلاَتُهُ؛ لاَِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ حَقٌّ، وَفَاعِلُ الْحَقِّ مُحْسِنٌ، مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ. وَقَالَ تَعَالَى: وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ: حَدَّثَنَا آدَم، حدثنا شُعْبَةُ، حدثنا الأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: كُنَّا بِالأَهْوَازِ نُقَاتِلُ الْحَرُورِيَّةَ؛ فَبَيْنَمَا أَنَا عَلَى جُرُفِ نَهْرٍ إذَا رَجُلٌ يُصَلِّي وَلِجَامُ دَابَّتِهِ فِي يَدِهِ؛ فَجَعَلَتْ الدَّابَّةُ تُنَازِعُهُ وَجَعَلَ يَتْبَعُهَا قَالَ شُعْبَةُ وَهُوَ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ؛ فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنْ الْخَوَارِجِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ افْعَلْ بِهَذَا الشَّيْخِ؛ فَلَمَّا انْصَرَفَ الشَّيْخُ قَالَ: إنِّي سَمِعْت قَوْلَكُمْ، وَإِنِّي غَزَوْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّ غَزَوَاتٍ أَوْ سَبْعَ غَزَوَاتٍ وَشَهِدْت تَيْسِيرَهُ، وَإِنِّي كُنْتُ أَرْجِعُ مَعَ دَابَّتِي أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَدَعَهَا تَرْجِعُ إلَى مَأْلَفِهَا فَيَشُقُّ عَلَيَّ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ [ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ خَافَ عَلَى دَابَّتِهِ الأَسَدَ فَمَشَى إلَيْهَا، وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ. وبه إلى مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ قَالَ: تَدْخُلُ الشَّاةُ بَيْتِي وَأَنَا أُصَلِّي فَأُطَأْطِئُ رَأْسِي فَآخُذُ الْقَصَبَةَ فَأَضْرِبُهَا بِهَا قَالَ قَتَادَةُ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَمِنْ طَرِيق يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ: حدثنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيِّ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي الْقَمْلَةِ يَقْتُلُهَا الرَّجُلُ فِي الصَّلاَةِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَكَذَلِكَ مَنْ خَافَ عَلَى مَالِهِ أَوْ سُرِقَتْ نَعْلُهُ أَوْ خُفُّهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَتْبَعَ السَّارِقَ فَيَنْتَزِعَ مِنْهُ مَتَاعَهُ. وَلاَ يَضُرُّ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا مَا اُضْطُرَّ مِنْ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ وَكَثْرَةِ الْعَمَلِ وَقِلَّتِهِ؛ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ؛ فَإِنْ كَانَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا فَطَمِعَ بِشَيْءٍ مِنْ إدْرَاكِ الصَّلاَةِ بَعْدَ تَمَامِ حَاجَتِهِ، أَوْ بِانْتِظَارِ النَّاسِ لَهُ: رَجَعَ، وَلاَ بُدَّ؛ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ كَبَّرَ نَاسِيًا وَهُوَ جُنُبٌ فَذَكَرَ فَاغْتَسَلَ وَرَجَعَ فَأَتَمَّ الصَّلاَةَ، وَكَمَا فَعَلَ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ. فَإِنْ لَمْ يَرْجُ بِإِدْرَاكِ شَيْءٍ مِنْ الصَّلاَةِ، أَوْ أَيْقَنَ أَنَّ النَّاسَ لاَ يَنْتَظِرُونَهُ [ أَوْ كَانَ قَدْ أَتَمَّ صَلاَتَهُ حِينَ تَمَامِ حَاجَتِهِ فِي أَوَّلِ مَكَان تَجُوزُ لَهُ فِيهِ الصَّلاَةُ. وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَخْطُوَ خُطْوَةً وَاحِدَةً لِغَيْرِ رُجُوعٍ إلَى الصَّلاَةِ؛ أَوْ لِزَوَالٍ عَنْ مَكَان لاَ تَجُوزُ فِيهِ الصَّلاَةُ. فَلَوْ رَجَا بِصَلاَةٍ [ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى أَقْرَبَ مِنْهَا فَلْيُدْخَلْ فِيهَا؛ فَآخِرُ صَلاَةٍ صَلاَّهَا أَهْلُ الإِسْلاَمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِإِمَامَيْنِ: بَدَأَ أَبُو بَكْرٍ وَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ الَّتِي أَجْمَعَ عَلَيْهَا جَمِيعُ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم،، أَوَّلُهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ، مَعَهُ عليه السلام وَقَلَّدَ رَأْيَ مَنْ يُخْطِئُ مَرَّةً وَيُصِيبُ أُخْرَى: فَمَا خَيْرَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِمَا يُرْضِيهِ. آمِينَ. قال أبو محمد: وَكُلُّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْعَمَلِ وَكَثِيرِهِ فَلاَ سَبِيلَ لَهُ إلَى دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ، وَلاَ بُدَّ لَهُ ضَرُورَةً مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا: إمَّا أَنْ يَحِدَّ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ حَدًّا فَاسِدًا لَيْسَ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ التَّحْدِيدِ، فَيَحْصُلُ عَلَى التَّحَكُّمِ بِالْبَاطِلِ، وَأَنْ يُشَرِّعَ فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، وَأَمَّا أَنْ لاَ يَحِدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا، فَيَحْصُلُ عَلَى أَقْبَحِ الْحَيْرَةِ فِي أَهَمِّ أَعْمَالِ دِينِهِ، وَعَلَى أَنْ لاَ يَدْرِيَ مَا تَبْطُلُ بِهِ صَلاَتُهُ مِمَّا لاَ تَبْطُلُ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الْجَهْلُ الْمُتَعَوَّذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ. وَنَسْأَلُهُ عَنْ عَمَلِ عَمَلٍ: أَهَذَا مِمَّا أُبِيحَ فِي الصَّلاَةِ أَوْ مِمَّا لَمْ يُبَحْ فِيهَا، وَلاَ سَبِيلَ إلَى وَجْهٍ ثَالِثٍ، فَإِنْ قَالَ: هُوَ مِمَّا أُبِيحَ فِيهَا لَزِمَهُ أَنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ: مُبَاحٌ، وَهُوَ قَوْلُنَا فِيمَا جَاءَ الْبُرْهَانُ بِإِبَاحَتِهِ فِيهَا، وَإِنْ قَالَ: هُوَ مِمَّا لَمْ يُبَحْ فِيهَا لَزِمَهُ أَنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ: غَيْرُ مُبَاحٍ فِيهَا؛ وَهُوَ قَوْلُنَا فِيمَا لَمْ يَأْتِ الْبُرْهَانُ بِإِبَاحَتِهِ فِيهَا. فَإِنْ قَالُوا: أُبِيحَ قَلِيلُهُ وَلَمْ يُبَحْ كَثِيرُهُ. قلنا: هَذِهِ دَعْوَى كَاذِبَةٌ مُفْتَقِرَةٌ إلَى دَلِيلٍ، فَهَاتُوا بُرْهَانَكُمْ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَى أَوَّلاً، ثُمَّ عَلَى بَيَانِ حَدِّ الْقَلِيلِ الْمُبَاحِ مِنْ الْكَثِيرِ الْمَحْظُورِ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ عَلِيٌّ: وَمَشْيُ الْمُصَلِّي إلَى فَتْحِ الْبَابِ لِلْمُسْتَفْتِحِ حَسَنٌ لاَ يَضُرُّ الصَّلاَةَ شَيْئًا: حدثنا حمام، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَرْتَتِيُّ الْقَاضِي، حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، حدثنا بُرْدٌ أَبُو الْعَلاَءِ، هُوَ ابْنُ سِنَانٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَأَسْتَفْتِحُ الْبَابَ، وَالْبَابُ فِي الْقِبْلَةِ، فَيَجِيءُ فَيَفْتَحُ الْبَابَ ثُمَّ يَعُودُ فِي صَلاَتِهِ. قَالَ ابْنُ أَيْمَنَ: وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ، حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حدثنا بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَعَلَيْهِ بَابٌ مُغْلَقٌ فَجِئْتُ فَاسْتَفْتَحْتُهُ فَمَشَى فَفَتَحَ لِي ثُمَّ رَجَعَ إلَى مُصَلاَّهُ. قَالَ عَلِيٌّ: وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ، حدثنا بُرْدٌ، حدثنا الزُّهْرِيُّ، يَذْكُرُهُ. قَالَ عَلِيٌّ: فَالْمَشْيُ لِمَا ذَكَرْنَا مُبَاحٌ، وَلَمْ يُوقَفْ عليه السلام عَلَى مَشْيِ مَنْ مَشَى. وَمَسْحُ الْحَصَى فِي الصَّلاَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً جَائِزٌ وَنَكْرَهُهُ، فَإِنْ زَادَ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ يَرْوِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلاَةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ فَلاَ يَمْسَحُ الْحَصَى. وبه إلى أَبِي دَاوُد: حدثنا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، حدثنا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى، هُوَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُعَيْقِيبٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: لاَ تَمْسَحْ يَعْنِي الْحَصَى وَأَنْتَ تُصَلِّي، فَإِنْ كُنْتَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً فَوَاحِدَةً. قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنْ احْتَجُّوا بِهَذَا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. قلنا: هَذَا فِي مَسْحِ الْحَصَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ جُمْلَةً، الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْوَاحِدَةُ فَقَطْ؛ فَقُولُوا لَنَا: مَاذَا تَقِيسُونَ عَلَى هَذَا الْخَبَرِ الأَعْمَالَ الْمُبَاحَةَ جُمْلَةً بِالنُّصُوصِ أَمْ الأَعْمَالَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا جُمْلَةً، وَلاَ بُدَّ مِنْ أَحَدِ الأَمْرَيْنِ. فَإِنْ قَالُوا: بَلْ الأَعْمَالَ الْمُبَاحَةَ جُمْلَةً. قلنا: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ؛ ثُمَّ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ أَوَّلُ ذَلِكَ: أَنَّهُ قِيَاسُ الْمُبَاحِ عَلَى الْمَحْظُورِ، وَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَ صَاحِبِ كُلِّ قِيَاسٍ؛ لاَِنَّهُ قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى ضِدِّهِ، وَإِنَّمَا الْقِيَاسُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ: قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى نَظِيرِهِ جُمْلَةً، أَوْ عَلَى نَظِيرِهِ فِي الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ عَلاَمَةُ الْحُكْمِ بِزَعْمِهِمْ. وَأَيْضًا: فَأَنْتُمْ تُبِيحُونَ الْخُطْوَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ فِي الصَّلاَةِ وَالضَّرْبَةَ وَالضَّرْبَتَيْنِ، وَأَخْذَ الْمَاءِ بِإِنَاءٍ مِنْ الْجَابِيَةِ لِمَنْ عَلَيْهِ الْحَدَثُ فِي الصَّلاَةِ، وَهَذَا أَكْثَرُ مِنْ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ؛ فَظَهَرَ بُطْلاَنُ قِيَاسِكُمْ وَتُحَرِّمُونَ مَا زَادَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَاسْتِقَاءَ الْمَاءِ مِنْ الْبِئْرِ لِمَنْ عَلَيْهِ الْحَدَثُ فِي الصَّلاَةِ؛ فَلاَحَ أَنَّكُمْ لَمْ تَتَعَلَّقُوا بِقِيَاسٍ أَصْلاً. فَإِنْ قَالُوا: بَلْ قِسْنَا الأَعْمَالَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا عَلَى هَذَا الْخَبَرِ. قلنا لَهُمْ: فَأَبِيحُوا إدْخَالَ الإِبْرَةِ فِي خِيَاطَةِ الثَّوْبِ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ وَقَدْحَ النَّارِ بِالزَّنْدِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَأَبِيحُوا لَطْمَةً وَاحِدَةً لِلْخَادِمِ، وَرَدَّ مَرْمَى الْحَائِكِ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ وَقَدَّ الأَدِيمِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَالتَّذْكِيَةَ بِجَرَّةٍ وَاحِدَةٍ كُلُّ ذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ؛ وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا؛ فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنْ ذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ الأَخْنَسِ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ يَعْنِي فِي الصَّلاَةِ، وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ أَشَارَ فِي صَلاَتِهِ إشَارَةً تُفْهَمُ عَنْهُ فَلْيُعِدْهَا يَعْنِي فِي الصَّلاَةِ. قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا الْحَدِيثُ وَهْمٌ؛ وَلَوْ صَحَّ لَوَجَبَ ضَمُّهُ إلَى الأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا قَبْلُ؛ مِنْ إشَارَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلاَةِ بِأَنْ يَرُدَّ السَّلاَمَ، وَإِلَى الْخَادِمِ فِي أَنْ تَسْتَأْخِرَ عَنْهُ؛ وَكُلُّ مَا بِالْمَرْءِ إلَى الإِشَارَةِ بِهِ، وَإِلَيْهِ ضَرُورَةٌ؛ فَتَخْرُجُ تِلْكَ الإِشَارَاتُ بِالنُّصُوصِ الَّتِي فِيهَا، وَتَبْقَى كُلُّ إشَارَةٍ لَمْ يَأْتِ بِإِبَاحَتِهَا نَصٌّ عَلَى التَّحْرِيمِ، كَالإِشَارَةِ بِالْبَيْعِ وَبِالْمُسَاوَمَةِ، وَبِمَاذَا عَمِلْت؛ وَالاِسْتِخْبَارِ؛ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ فَهَذَا هُوَ الْعَمَلُ الَّذِي لاَ يَجُوزُ غَيْرُهُ لَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ، وَهُوَ قَوْلُنَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ؛ لاَِنَّ الإِشَارَاتِ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ؛ فَمَا أُبِيحَ مِنْهَا بِالنَّصِّ كَانَ مُبَاحًا، وَمَا لَمْ يُبَحْ مِنْهَا بِالنَّصِّ كَانَ مُحَرَّمًا؛ فَكَيْفَ وَالْحَدِيثُ لاَ يَصِحُّ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
|