الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال السمرقندي: نزلت الآية في شأن جماعة من الأنصار، كانت بينهم وبين اليهود مواصلة وخاصية، وكانوا على ذلك بعد الإسلام، فنهاهم الله عزّ وجلّ عن ذلك. ويقال: كل من كان على خلاف مذهبه ودينه لا ينبغي له أن يحادثه، لأنه يقال في المثل: .قال الألوسي: .من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا}: .قال الفخر: وقال الفخر: الخبال: الفساد والنقصان، وأنشدوا: أي: فاسدة العضد منقوضتها، ومنه قيل: رجل مخبول ومخبل ومختبل لمن كان ناقص العقل، وقال تعالى: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالًا} [التوبة: 47] أي فسادًا وضررًا. اهـ. وقال الفخر: قوله: {لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} أي لا يدعون جهدهم في مضرتكم وفسادكم، يقال: ما ألوته نصحًا، أي ما قصرت في نصيحته، وما ألوته شرًا مثله. اهـ. .من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ}: .قال الفخر: .قال أبو حيان: ويقال: عِنت بكسر النون، وأصله انهياض العظم بعد جبره. اهـ. .قال الفخر: وقال الفخر: قال الواحدي رحمه الله: لا محل لقوله: {وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ} لأنه استئناف بالجملة وقيل: أنه صفة لبطانة، ولا يصح هذا لأن البطانة قد وصفت بقوله: {لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} فلو كان هذا صفة أيضا لوجب إدخال حرف العطف بينهما. اهـ. فصل: وقال الفخر: الفرق بين قوله: {لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} وبين قوله: {وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ} في المعنى من وجوه: الأول: لا يقصرون في إفساد دينكم، فإن عجزوا عنه ودوا إلقاءكم في أشد أنواع الضرر. الثاني: لا يقصرون في إفساد أموركم في الدنيا، فإذا عجزوا عنه لم يزل عن قلوبهم حب إعناتكم. والثالث: لا يقصرون في إفساد أموركم، فإن لم يفعلوا ذلك لمانع من خارج، فحب ذلك غير زائل عن قلوبهم. اهـ. .من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {قَدْ بَدَتِ البغضاء مِنْ أفواههم}: .قال الفخر: .قال القرطبي: والبغضاء: البغض، وهو ضدّ الحُبِّ. والبغضاء مصدر مؤنث. وخصّ تعالى الأفواه بالذِّكر دون الألسنة إشارةً إلى تَشدُّقهم وثَرْثَرَتهم في أقوالهم هذه، فهم فوق المتستر الذي تبدو البغضاء في عينيه. ومن هذا المعنى نهيه عليه السَّلام أن يشتحِي الرجل فاه في عِرض أخيه. معناه أن يفتح؛ يُقال: شحى الحمار فاه بالنهيق، وشحى الفَمُ نفسه. وشحى اللِّجَامُ فمَ الفرس شَحْيًا، وجاءت الخيل شَواحِيَ: فاتحاتٍ أفواهَها. ولا يفهم من هذا الحديث دليلُ خطاب على الجواز فيأخذ أحدٌ في عِرض أخيه هَمْسًا؛ فإن ذلك يُحرمُ باتفاق من العلماء. وفي التنزيل {وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} [الحجرات: 12] الآية. وقال صلى الله عليه وسلم: «إن دِماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام» فذِكر الشَّحْو إنما هو إشارة إلى التشدّق والانبساط، فاعلم. اهـ. .قال النسفي: .قال الطبري: يعني بذلك جل ثناؤه: قد بدت بغضاء هؤلاء الذين نهيتكم أيها المؤمنون، أن تتخذوهم بطانة من دونكم لكم {من أفواههم}، يعني بألسنتهم. والذي بدا لهم منهم بألسنتهم، إقامتهم على كفرهم، وعداوتهم من خالف ما هم عليه مقيمونَ من الضلالة. فذلك من أوكد الأسباب في معاداتهم أهل الإيمان، لأن ذلك عداوة على الدين، والعداوة على الدين العداوة التي لا زوال لها إلا بانتقال أحد المتعاديين إلى ملة الآخر منهما، وذلك انتقال من هدى إلا ضلالة كانت عند المنتقل إليها ضلالة قبل ذلك. فكان في إبدائهم ذلك للمؤمنين، ومقامهم عليه، أبينُ الدلالة لأهل الإيمان على ما هم عليه من البغضاء والعداوة. وقد قال بعضهم: معنى قوله: {قد بدت البغضاء من أفواههم}، قد بدت بغضاؤهم لأهل الإيمان، إلى أوليائهم من المنافقين وأهل الكفر، بإطلاع بعضهم بعضًا على ذلك. وزعم قائلو هذه المقالة أنّ الذين عنوا بهذه الآية أهل النفاق، دون من كان مصرحًا بالكفر من اليهود وأهل الشرك. اهـ. .قال الفخر: الأول: أنه لابد في المنافق من أن يجري في كلامه ما يدل على نفاقه ومفارقتة لطريق المخالصة في الود والنصيحة، ونظيره قوله تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ في لَحْنِ القول} [محمد: 30]. الثاني: قال قتادة: قد بدت البغضاء لأوليائهم من المنافقين والكفار لاطلاع بعضهم بعضًا على ذلك، أما إن حملناه على اليهود فتفسير قوله: {قَدْ بَدَتِ البغضاء مِنْ أفواههم} فهو أنهم يظهرون تكذيب نبيّكم وكتابكم وينسبونكم إلى الجهل والحمق، ومن اعتقد في غيره الإصرار على الجهل والحمق امتنع أن يحبه، بل لابد وأن يبغضه، فهذا هو المراد بقوله: {قَدْ بَدَتِ البغضاء مِنْ أفواههم}. اهـ. .قال الألوسي: .قال القرطبي: وحكى ابن بَطّال عن ابن شعبان أنه قال: أجمع العلماء على أنه لا تجوز شهادة العدوّ على عدوّه في شيء وإن كان عدلًا، والعداوة تزيل العدالة فكيف بعداوة كافر. اهـ. .قال ابن الجوزي: .من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}: يعني الذي يظهر على لسان المنافق من علامات البغضاء أقل مما في قلبه من النفرة، والذي يظهر من علامات الحقد على لسانه أقل مما في قلبه من الحقد. اهـ. .من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيات إِنْ كُنتُمْ تَعْقِلُونَ}: .قال الفخر: .قال ابن عاشور: ولكون هذه الآيات آياتِ فراسةٍ وتوسّم، قال: {إن كنتم تعقلون} ولم يقل: إن كنتم تعلمون أو تفقهون، لأنّ العقل أعمّ من العلم والفقه. اهـ. .قال الألوسي: .قال الطبري: .قال ابن كثير: وقوله: {لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} أي: من غيركم من أهل الأديان، وبطانة الرجل: هم خاصّة أهله الذين يطلعون على داخل أمره. وقد روى البخاري، والنسائي، وغيرهما، من حديث جماعة، منهم: يونس، ويحيى بن سعيد، وموسى بن عقبة، وابن أبي عتيق- عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِي وَلا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَة إلا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخيرِ وتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالسُّوءِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَم اللهُ».
|