الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة
.مسألة التحذير من سماع أقوال أهل البدع: قال محمد بن رشد: المعنى في هذا بين أنه يحذر أن يسمع كلامهم فيدخل عليه شك في اعتقاده بشبههم، وكفى من التحذير عن ذلك المثل الصحيح الذي ضربه ابن غائم في ذلك من قوله: أرأيت لو أن أحدكم قعد إلى سارق وفي كمه بضاعة أما كان يحترز بها منه خوفا أن يغتاله فيها، فلا يجد بدا أن يقول نعم، قال فدينكم أولى بأن تحرزوه وتتحفظوا به، وبالله التوفيق. .مسألة الحض على اتباع الأمر الأول: قال محمد بن رشد: المعنى في قوله أنه لا يعز الإسلام في آخر الزمان إلا بما عز في أوله من الجهاد في سبيله وابتغاء مرضاته على السنة والحق، وبالله التوفيق. .مسألة توقي الرجل أن يظن به سوء: قال محمد بن رشد: قد تقدمت هذه الحكاية والقول فيها في رسم السلف في الحيوان والمتاع المضمون، وبالله التوفيق. .مسألة كراهة طول الكمين: قال محمد بن رشد: قد مضت هذه الحكاية والقول فيها في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم قبل هذا، وبالله التوفيق. .مسألة كراهة غضارة العيش: قال محمد بن رشد: قد مضى هذا المعنى فيما كان عليه أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من شظف العيش في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق. .مسألة محبة الرجل أن يرى في شيء من أعمال البر: قال محمد بن رشد: قد مضى هذا في قول مالك مكررا في رسم العقول من هذا السماع وكتاب الصلاة، ومضى من قول ربيعة خلافه في رسم طلق بن حبيب من سماع ابن القاسم من هذا الكتاب ومن كتاب الصدقات والهبات، والتكلم على ذلك كله في المواضع المذكورة، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، وبالله التوفيق. .مسألة صفة الأمر بالمعروف: قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله إنه ليس من شرط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون القائم بذلك سالما من مواقعة الذنوب والخطايا إذ لا يسلم أحد من ذلك، وقد قال الله عز وجل لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] وفي وصية الخضر لموسى- عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-: واستكثر من الحسنات فإنك لابد تصيب السيئات، واعمل خيرا فإنك لابد عامل شرا. هذا في الأنبياء فكيف بمن دونهم من الناس. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فرائض الأعيان، لقول الله عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 71] فيجب على كل أحد في خاصة نفسه أن ينكر من المنكر ما اطلع عليه مما مر به واعترضه في طريقه بثلاثة شرائط: أحدها أن يكون عالما بالمنكر؛ لأنه إن لم يكن عالما بذلك لم يأمن أن يأمر بمنكر أو ينهى عن معروف؟ والثاني أن يأمن أن يؤدي إنكاره المنكر إلى منكر أكبر منه، مثل أن ينهى عن شرب خمر فيؤدي نهيه عن ذلك إلى قتل نفس وما أشبه ذلك؟ والثالث أن يعلم أو يغلب على ظنه أن إنكاره المنكر مزيل له، وأن أمره بالمعروف مؤثر ونافع؛ لأنه إذا لم يعلم ذلك ولا غلب على ظنه لم يجب عليه أمر ولا نهي. فالشرط الأول والثاني مشترطان في الجواز، والشرط الثالث مشترط في الوجوب. وأما الانتداب إلى ذلك والقيام بتفقده وتغييره فلا يجب على أحد في خاصة نفسه سوى الإمام، وإنما يستحب له ذلك إذا قوي عليه. وذلك بين من قول مالك رَحِمَهُ اللَّهُ في رسم الأقضية الثالث من هذا السماع من كتاب السلطان. وإنما وجب ذلك على الإمام واستحب لمن سواه إذا قوي عليه لقول الله عز وجل: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} [الحج: 41]. ومضى قول سعيد بن جبير والقول عليه قبل هذا في رسم القبلة من سماع ابن القاسم، وما زدته هاهنا تتميم له. ومضى أيضا في الرسم المذكور في كتاب السلطان زيادات في هذا المعنى، وبالله التوفيق. .مسألة كراهة الإسراع في تعلم القرآن دون التفقه فيه: قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأن التفقه في القرآن بمعرفة أحكامه وحدوده ومفصله ومجمله وخاصه وعامه وناسخه ومنسوخه آكد من حفظ سواده، فيكون من حفظ سواده ولم يتفقه فيه ولا عرف شيئا من معانيه كالحمار يحمل أسفارا. وقد أقام عبد الله بن عمر على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها؛ لأنه كان يتعلمها بفقهها ومعرفة معانيها، وبالله التوفيق. .مسألة الذي يقول إنه سيد قومه: قال محمد بن رشد: هذا كما قال رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لأن الرجل إنما يسود قومه بالتواضع فيهم، والبر بهم، والترفيع لهم، وترك التكبر عليهم، والاعتناء بأمورهم، والتهمم بأحوالهم؛ فإذا اعتقد أن له فضلا عليهم سادهم به فهو أدناهم مرتبة. قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم». وقد مضى في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم القول في الأحنف بن قيس وقد قال له معاوية بما شرفت قومك ولست بأشرفهم ولا بأسنهم ولا. بأيسرهم؟ قال: إني لا أتناول ما كفيت، ولا أضيع ما وليت، وقال: لو وجدت الناس كرهوا شرب الماء ما شربته. وبالله التوفيق. .مسألة في أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بابنة أم سلمة حين دخل بأم سلمة: قال محمد بن رشد: إنما أمر له بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه من ولاتها؛ لأنها مخزومية بنت أبي سلمة بن عبد الأسد الذي كان زوجا لأم سلمة قبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن هلال بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وعمار بن ياسر مولى لبني مخزوم؛ لأن أباه ياسرا تزوج أمة لبعض بني مخزوم فولدت له عمارا. وذلك أنه قدم مكة مع أخوين له يقال لهما الحارث ومالك في طلب أخ لهم رابع، فرجع الحارث ومالك إلى اليمن، وأقام ياسر بمكة، فحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو ابن مخزوم، فزوجه أبو حذيفة أمة له يقال لهما سمية، فولدت له عمارا، فأعتقه أبو حذيفة. فمن هاهنا هو عمار مولى بني مخزوم، فهو مولاهم وحليف لهم، وأبوه عربي لا يختلفون في ذلك، وبالله التوفيق. .مسألة الكاسيات العاريات ولبس الرجال الرقيق من الثياب: قال محمد بن رشد: قد مضى القول في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم على حديث أبي هريرة المذكور وقوله «كاسيات عاريات مائلات مميلات» الحديث، فأغنى ذلك عن إعادته هنا مرة أخرى. وقول مالك في لبس الرجال الرقيق إن الأمر يرجع في ذلك إلى الإزار صحيح؛ لأن بدن الرجل ليس بعورة. فإذا اتزر بإزار ثخين جاز أن يلبس الثوب الرقيق الذي يصف؛ لأن بدنه ليس بعورة، بخلاف المرأة التي هي كلها عورة فجاء فيها الحديث، وبالله التوفيق لا شريك له. .مسألة السكنى في الأرض التي يعمل فيها بغير الحق ويسب فيها السلف: قال محمد بن رشد: قد مضى في رسم كتب عليه ذكر حق من سماع ابن القاسم تفسير قوله عز وجل: {يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء: 100]. والمعنى في كراهة السكنى في الأرض التي يعمل فيها بغير الحق ويسب فيها السلف بين؛ لأن العمل بغير الحق وسب السلف من المناكر التي يجب تغييرها والنهي عنها، فإذا لم ينه عنها واشتهر العمل بها لم يأمنوا أن تحل العقوبة بجميعهم. فقد جاء: إن الله لا يعذب العامة بذنوب الخاصة ولكن إذا عمل المنكر جهارا استحقوا العقوبة كلهم. وقول معاوية لأبي الدرداء حين باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها فقال له أبو الدرداء سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عن مثل هذا: ما كنت أرى بمثل هذا بأسا، لم يقصد بذلك مخالفة ما قاله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنما تأول قوله على أنه إنما نهى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التفاضل في بيع العين بالعين والتبر بالتبر والمصوغ بالمصوغ، فأجاز التفاضل بين العين والتبر وبين العين والمصوغ وبين التبر والمصوغ، وهو شذوذ وخلاف للجمهور؛ لأنهم حملوا نهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التفاضل بين الذهبين وبين الورقين على عمومه. فسأل صائغ عبد الله بن عمر فقال له: إني أصوغ الذهب ثم أبيع الشيء من ذلك بأكثر من وزنه فأستفضل بذلك قدر عمل يدي، فنهاه عن ذلك وقال: الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، لا فضل بينهما، هذا عهد نبينا إلينا وعهدنا إليكم. ففهم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ من قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدينار بالدينار لا فضل بينهما» أن الدينارين المصوغين من الذهب لا فضل بينهما وحكم أن ذلك عهد من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهم. وقد جاء بيان ذلك فيما جاء من أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أمر السعدين أن يبيعا آنية من المغانم من ذهب أو فضة فباعا كل ثلاثة بأربعة عينا، وكل أربعة بثلاثة عينا، فقال لهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربيتما فردا» وبالله التوفيق. .مسألة يكتب إلى أصغر منه هل يبدأ به: قال محمد بن رشد: قد مضى هذا والقول فيه في رسم صلى نهارا ثلاث ركعات، وفي موضعين من رسم شك في طوافه من سماع ابن القاسم، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، وبالله التوفيق. .مسألة في الحجامة وتساوي الأيام فيها: قال محمد بن رشد: معنى قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن كان دواء يبلغ الداء فإن الحجامة تبلغه» أي أن الحجامة من الأدوية التي قد تبلغ الداء؛ لأنه قد أعلم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الذي أنزل الداء أنزل الدواء، فليس قوله إن كان دواء يبلغ الداء شكا منه في ذلك، وإنما معناه إذا كان الدواء قد يبلغ الداء فإن الحجامة من الدواء الذي قد يبلغ الداء. وقد مضى قبل هذا في هذا السماع القول في التشاؤم بالحجامة في بعض الأيام فلا معنى لإعادته هنا، وبالله التوفيق. .مسألة رفع عمر بن الخطاب صوته في صلاته بسورة النبي عليه السلام: قال محمد بن رشد: الصغرى هي التحريم، والكبرى هي الأحزاب. وقد مضى في رسم مرض وله أم ولد فحاضت هذا والكلام عليه، وبالله التوفيق. .مسألة حكاية عن عمر بن عبد العزيز: قال محمد بن رشد: معنى أنساه هاهنا أي أتركه في العطاء فلا أعطيه مع من هاهنا من أهل البلد شيئا، وأذكره في بلده فأعطيه معهم، يريد أنه لا مزية لهم عنده في ترك بلادهم إلى هذا البلد. وقوله إن من كانت له قبل عامله مظلمة فلا إذن له علي، معناه لا يحتاج إلى الاستئذان، فليدخل علي متى ما جلست للناس دون إذن، وبالله التوفيق. .مسألة الكراهة للمفتي أن يقول فيما يؤديه إليه اجتهاده في تحليل أو تحريم هذا حلال وهذا حرام: قال محمد بن رشد: قوله لم تكن فتيا الناس أن يقال هذا حلال وهذا حرام، معناه فيما يرون باجتهادهم أنه حلال أو حرام، إذ قد يخالفهم غيرهم من العلماء في اجتهادهم. فإذا قال المجتهد فيما يراه باجتهاده حلالا أو حراما إنه حلال أو حرام، أوهم السامع بأنه حلال أو حرام عند الجميع، فيحتاج أن يقيد قوله بأن يقول هو حلال عندي أو حرام عندي. وهذا على القول بأن كل مجتهد مصيب للحق عند الله في حق اجتهاده. وأما على مذهب من يرى أن الحق في واحد وأن المجتهد قد يخطئه وقد يصيبه، فلا يصح له أن يقول فيما يؤديه إليه اجتهاده من تحليل أو تحريم هذا حلال أو حرام بحال، إذ لا يدري على مذهبه لعله عند الله بخلاف ما قاله، فالصواب أن يقول أرى هذا مباحا أو أراه محظورا فيما تعبدني الله به في خاصة نفسي وأن أفتي به. وإن علم أن السائل يكتفي منه بأن يقول له فيما يرى أنه لا يحل له أكره هذا ولم أكن لأصنع هذا، ويكف بذاك عن استباحة ذلك الشيء، ساغ له أن يقتصر على ذلك القول فيه، وبالله التوفيق. .مسألة قول الرجل هلك الناس: قال محمد بن رشد: تفسير مالك للحديث صحيح بين لا اختلاف فيه. وقد مضى هذا الحديث والقول عليه في رسم المحرم يتخذ الخرقة لفرجه من سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق. .مسألة تفسير ما جاء في أن من قال لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما: قال محمد بن رشد: هذا حديث يحتمل وجوها من التأويل: أحدها أن يكون معناه أن من قال لصاحبه يا كافر معتقدا أن الذي هو عليه هو الكفر، فأحدهما على كل حال كافر، إما المقول له إن كان كافرا، وإما القائل إن كان المقول له مؤمنا. لأنه إذا قال للمؤمن يا كافر معتقدا أن الإيمان الذي هو عليه كفر فقد حصل هو كافرا باعتقاده إيمان صاحبه كفرا. والدليل على ذلك قول الله عز وجل: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5]. وأما إن قال للمؤمن يا كافر وهو يظنه كافرا ولا يعلم أنه مؤمن فليس بكافر وإنما هو غلط. والثاني أن يكون معناه النهي عن أن يكفر الرجل صاحبه باعتقاد ما لا يتحقق أنه باعتقاده كافر؛ لأنه إن لم يكن باعتقاده ذلك كافرا كان القائل له ذلك قد باء بإثم ما رماه به من الكفر. والثالث أن يكون معناه النهي عن أن يظن الرجل بأخيه المسلم أنه يعتقد الكفر ويظهر الإسلام فيقول له يا كافر؛ لأنه إن لم يكن كذلك باء بإثم تكفيره. وقول مالك أرى ذلك في الحرورية يحتمل أن يريد بذلك أن الحرورية التي تكفر المسلمين بالذنوب من القول تبوء بذلك إما بالكفر على التأويل الأول إن كانت تعتقد أن الإيمان الذي عليه المسلمون كفر؛ وإما بالإثم على التأويل الثاني إن كانت لا تعتقد إيمان المسلمين كفرا، وهذا هو الأظهر؛ ويحتمل أن يريد أن من يكفر الحرورية من المسلمين يبوء بإثم ذلك إن لم يكونوا كفارا بما يعتقدونه. وقد قال مالك في هذه الرواية لما قيل له أتراهم بذلك كفارا؟ قال لا أدري ما هذا. وبالله التوفيق. .مسألة الثناء لا يكون عاملا إلا بعد المخالطة في السفر والمال: قال محمد بن رشد: المعنى في هذا أنه إن قال إذا سئل هل صحبه في سفر أو شاركه في مال نعم فثناؤه عليه تزكية له، وإن قال لا لم يكن عليه في ثنائه عليه بما ظهر إليه من ظاهر حاله إثم ولا حرج، ولم تصح بثنائه عليه شهادته له بالتزكية، وبالله التوفيق. .مسألة قول القاسم في ربيعة: قال محمد بن رشد: المعنى في هذا، والله أعلم، أنه عاب عليه إجازة بعض ما كرهه من مضى والاحتجاج له، وبالله التوفيق. .مسألة قول القاسم بن محمد لعمر بن عبد العزيز فيما عرض عليه من المال: قال محمد بن رشد: قد مضى القول في وجه قول القاسم بن محمد هذا لعمر في آخر رسم شك في طوافه من سماع ابن القاسم فلا وجه لإعادته، وبالله التوفيق. .مسألة ذنب المشاركة في القتل: قال محمد بن رشد: قول القاسم بن محمد إن الذنوب لاحقة بأهلها صحيح، يشهد لذلك قول الله عز وجل: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8]، وقوله عز وجل: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15] وقوله: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [فاطر: 18] ومعنى قول القائل من لقي الله عز وجل ولم يشرك في دم مسلم لقي الله خفيف الظهر، أي أن الذنوب وإن عظمت فهي تخف عند إضافتها إلى المشاركة في الدم؛ لأن الله عز وجل يقول: {كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]. وقال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93]. وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات كافرا أو قتل مؤمنا متعمدا». وجميع الذنوب تمحوها التوبة بإجماع سوى القتل، فإن أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء المسلمين اختلفوا في قبول توبة القاتل. وقد مضى الكلام على هذا في رسم يسلف في المتاع والحيوان المضمون من سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق.
|