الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد
.تفسير الآية رقم (73): {صِرَاطٍ} (73)- وَإِنَّكَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّمَا تَدْعُوهُمْ إِلَى دِينِ الخَيْرِ والهُدَى، وَإِلَى السَّبِيلِ القَوِيمِ المُسْتَقِيمِ، الذي يُوصِلُهُمْ إِلى جَنَّةِ رَبِّهِمْ. .تفسير الآية رقم (74): {بالآخرة} {الصراط} {لَنَاكِبُونَ} (74)- أَمَّا الذِينَ كَفَرُوا بِاللهِ وَكَفَرُوا بِالآخِرَةِ، وَالبَعْثِ بَعْدَ المَوْتِ، فَهُمْ مُتَنَكِّبُونَ وَتَارِكُونَ عَمْداً الطَّرِيقَ القَوِيمَ المُوصِلَ إِلى جَنَّةِ اللهِ تَعَالَى. لَنَاكِبُونَ- لَعَادِلُونَ عَنِ الحَقِّ زَائِغُونَ. .تفسير الآية رقم (75): {رَحِمْنَاهُمْ} {طُغْيَانِهِمْ} (75)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ غِلْظَةِ المُشْرِكِينَ فِي كُفْرِهِمْ وَعُتُوِّهِمْ فِيهِ فَيَقُولُ تَعَالَى: إِنَّهُ لَوْ أَزَاحَ عَنْهُم، الضُّرَّ، وَأَفْهَمَهُم القُرْآنَ لمَا انْقَاذُوا لَهُ، وَلاسْتَمَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ وَطُغَيْانِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ.} (وَقيلَ بَلِ المَعْنَى هُوَ: وَلَوْ أَنَّهُمْ رُدُّوا في الآخِرَةِ إِلى الدُّنيا لَعَادُوا لِما نُهُوا عنهُ). وقال ابنُ عَبَاسٍ إِنَّ كُلَّ ما فيهِ (لَوْ) ممَّا لا يكونُ أبداً. لَلَجُّوا في طغيانِهِمْ- لَتَمَادَوا في ضَلالِهِمْ وَكُفْرِهِمْ. يَعْمَهُونَ- يَعْمونَ عَنِ الرّشدِ، أو يتحيَّرونَ. .تفسير الآية رقم (76): {أَخَذْنَاهُمْ} (76)- ويَقُولُ تعالى إِنَّه ابْتَلاهُم بالمَصَائِب والشَّدَائِدِ، (كَقَتْلِ سَرَاتِهم يَوْمَ بَدْرٍ.. والشَّدائِد الأُخْرَى التي حَلَّتْ بِهم) فَمَا ردَّهُم ذلكَ عَمَّا هُمْ فيهِ مِنَ الكُفْرِ والعُتُوِّبَلِ اسْتَمَرُّوا على غَيِّهِم وضَلالِهِم، ولَمْ يَخْشَعُوا للهِ (مَا اسْتَكَانُوا)، ولم يَتَضَرَّعُوا إليهِ داعِينَ مُسْتَجِيرِينَ لَيْكِشفَ عَنْهُم ذلكَ البلاءَ. وقد جَاء في الصحيحينِ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَعا على قُريْشٍ حينَ اسْتَعْصَوْا عليهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِم بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ» أيْ بِسَبْعِ سِنِينَ شِدَادٍ. وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ إِنَّ أبَا سُفْيَانَ جَاءَ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حينما اشْتَد الأمرُ فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ أنْشُدُكَ الله والرَّحِمَ فَقَدْ أكَلْنَا العِلْهِ (أي الوَبَرَ والدَّمَ). فَأَنْزَلَ اللهُ تَعالى هذهِ الآيَه. فما اسْتَكَانُوا- فَمَا خَضَعُوا وأَظْهُروا المَسْكَنَةَ. ومَا يَتَضَرَّعُونَ- ولا يَتَذَلَّلُونَ إليهِ تَعَالى بالدُّعَاءِ. .تفسير الآية رقم (77): (77)- حتى إذا جَاءَهُم أَمْرُ اللهِ تَعالى، وجَاءَتْهُم السَّاعَةُ بَغْتَةً، فَأَخَذَهُم مِنْ عَذَابِ اللهِ مَا لَمْ يكُونُوا يَحْتَسِبُونَ، يَئِسُوا (أُبْلِسُوا) مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وانْقَطَعَتْ آمَالُهُم، وخَابَ رَجَاؤُهُم. مُبْلِسونَ- يَائِسونَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أو مُتَحَيِّرُونَ. .تفسير الآية رقم (78): {الأبصار} (78)- واللهُ تَعالى هُوَ الذي خَلَقَ لَكُمُ السَّمْعَ، لِتَسْمَعُوا بِهِ الأَصْوَاتَ، والأبْصَارَ، لتُبْصِرُوا بها الأشْيَاءَ والمَحْسُوسَاتِ، والعُقُولَ، لِتَفْقَهُوا بِها وتُدْرِكُوا آياتِ اللهِ وحُجَجَهُ في الأَنْفُسِ والآفَاقِ، الدَّالَّةَ على وَحْدَانِيتهِ وقُدْرَتِهِ. وَبَعْدَ أنْ عَدَّدَ اللهُ سُبْحَانَه وتعالى هذِهِ النِّعَمَ التي أَنْعَم بِها على البَشَرِ، أشَارَ إلى كُفْرَانِهِم إيَّاها فَقَالَ: ما أَقَلَّ شُكْرَكُم للهِ على هذهِ النِّعَمِ الوَفِيرَةِ (قليلاً ما تَشْكُرُونَ). .تفسير الآية رقم (79): (79)- واللهُ تعالى هُو الذي خَلَقَ النَّاسَ في الأَرْضِ، وبَثَّهُم فِيها (ذَرَأَهُم)، واسْتَخَلَفَهُم فِيها، ثُمَّ يَحْشُرُهُم جَمِيعاً لِميقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ لِيُحَاسِبَهُم على جَمِيع ما عَمِلُوه في الدنيا مِنْ أعْمالٍ. ذَرَأَكُمْ- خَلَقَكُم وَبَثَّكُمْ بالتَّنَاسُلِ. .تفسير الآية رقم (80): {اختلاف} {الليل} {يُحْيِي} (80)- وهو الذي وَهَبَ الخَلْقَ الحَيَاةَ بِنَفْخٍ الرُّوح فِيهِم، ثُمَّ يُمِيتُهُم بَعْدَ أنْ كانَ أحْيَاهُم، ثم يُعِيدُ خَلْقَهُم مَرَّةً أُخْرَى يَوْمَ البَعْثِ والنُّشُورِ، وَيجْمَعُهم إليه لِلْحِسَابِ، كمَا سَبَقَ أنْ بَدَأ خَلْقَهُم. وهو الذي سَخَّرَ اللَّيْلَ والنَّهَارَ وَجَعَلَهُما مُتَعاقِبَيْنِ لا يَفْترِقَانِ، وكأنَّما يَطْلُبُ الوَاحِدُ مِنْهُمَا الآخَرَ وجَعَلَهُما مُخْتَلِفَيْنِ طُولاً وقِصراً، يَقْصُرُ هذا تَارَةً ويَطُولُ الآخَرُ، ثم يطُولُ فَيَقْصُرُ الآخَرُ. وأنْتُمْ يا أيُّها النَّاسُ تَرَونَ كُلَّ ذلِكَ في كُلِّ حِينٍ، أَفَلَيْسَتْ لَكُم عُقُولٌ لِتَتَفَكُّرُوا بِها أنَّ ذلك كُلَّهُ لَمْ يُخْلَقْ عَبَثاً ولا مُصَادَفَةً؟ وإنَّما خَلَقَهُ اللهُ بِقَدْرَتِه، وقَدَّرَهُ وضَبَطَهُ، وجَعَلَه خَاضِعاً لَهُ، لِيَسْتَدِلَّ بهِ النَّاسُ على وُجُودِ خَالِقِه القَدِير الوَاحِدِ الأَحَدِ، الذي لا شَرِيكَ لَهُ. .تفسير الآية رقم (81): (81)- ولكِنَّ هَؤلاءِ المُشْرِكينَ مِنَ العَرَبِ لم يَعْتَبِرُوا بآياتِ اللهِ، ولَمْ يَتَدَبَّرُوا حُجَجَهُ الدَّالَةَ على قُدْرَتِه على فِعْلِ كُلِّ ما يُريدُ: كإِعَادَةِ خَلْقِ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وبَعْثِهم مِنْ قُبُورِهم، وجَمْعِهم يَوْمَ القِيَامَةِ لِلْحِسَاب.. بَلْ قَالُوا مِثْلَمَا قَالَهُ أسْلافُهُم مِنْ مُكَذِّبِي الأُمَمِ الأُخْرَى الذين كَذَّبُوا رُسُلَ اللهِ، وجَحَدُوا بآيَاتِهِ. .تفسير الآية رقم (82): {أَإِذَا} {وَعِظَاماً} {أَإِنَّا} (82)- وقد كَانَ مُكَذِّبُوا الأُمُمِ السَّابِقَةِ مُنْكِرينَ: هَلْ سَنُبْعَثُ مِنْ قُبُورِنا، ونَعُودُ أحياءً كَما كُنَّا، بَعْدَ أنْ نَمُوتَ وتَبْلى عِظَامُنَا؟ .تفسير الآية رقم (83): {وَآبَآؤُنَا} {أَسَاطِيرُ} (83)- وَقالُوا إنَّ آبَاءَهم وُعِدُوا بِمِثْلِ هذا البَعْثِ والنُّشُورِ يَوْمَ القِيَامَةِ وهُمْ يُوعَدُون بِهِ أيضاً، ولكنَّهُ لم يَقَعْ بَعْدُ. ثُمَّ قَالُوا: إِنَّ هَذَا مِنْ قَبيلِ القصَصِ الخَيالِيَّةِ، والأسَاطِيرِ التي تُرْوى عَنِ الأَوَّلينَ. أسَاطِيرُ الأَوَّلين- أكَاذِيبُهُم وقصَصُهُم الخُرَافِيةُ المَسْطُورَة في كُتُبِهِم. .تفسير الآية رقم (84): (84)- كانَ مُشْرِكُوا العَرَبِ مُضِطَرِبِي العَقِيدَة، لا يُنكِرُون وُجُودَ اللهِ، ولا يُنْكِرُون أنَّه مَالِكُ السَّمَاواتِ والأرْضِ ومُدَبِّرُهما، ولكِنَّهم كانوا مَعَ ذلك يُشْرِكُونَ مَعَهُ في العِبَادَةِ آلِهَةً أُخْرَة، ويَقُولُونَ: إِنَّهم إنَّما يَعْبُدونَ هذهِ الآلِهَة ليُقَرِّبُوهم إلى اللهِ زُلْفَى. ويَجْعَلُون المَلائِكَةَ بَنَاتِ اللهِ، وهُنا يَأخُذُ اللهُ سُبْحَانَه بالمُسَلِّماتِ التِي يُقِرُّونَ بِها، فَيَقُولُ لِنَبيِّه الكَرِيمِ: اسْأَلْهُم لِمَنِ الأَرْضُ ومَنْ فيها إِنْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ .تفسير الآية رقم (85): (85)- إنَّهُمْ سَيَقُولُون إنَّ مَالِكَها، وخَالِقَها، ومُدَبِّرَها هو اللهُ تَعالى، ولكِنَّهم مَعَ ذلِكَ لا يَذْكُرُونَ هذهِ الحَقِيقَةَ حينما يَتَوَجَّهُونَ بالعِبَادَةِ لِغَيْرِهِ. .تفسير الآية رقم (86): {السماوات} (86)- وقُلْ لَهُم: مَنْ خَلَقَ السَّمَاواتِ السَّبْعَ ومَنْ فِيهِنَّ، ومَنْ هو رَبُّ العَرْشِ العَظِيم؟ وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: العَرْشُ لا يُقَدِّرُ قَدْرَهُ أَحَدٌ إلا اللهُ تَعالى. .تفسير الآية رقم (87): (87)- إنَّهُم سَيقُولُون: إِنَّ كُلَّ شيء في الوُجُودِ هو للهِ، وهو رَبُّهُ، ولَيْسَ لَهُم جَوابٌ غير هذا. فَقُلْ لَهُم: إذا كُنْتُم تَعْتَرِفُون بأنَّه رَبُّ السَّمَواتِ، وَربُّ العَرْشِ العَظِيم، أَفَلا تَخَافُون عِقَابَه، وتَحْذَرُونَ عَذَابَه في عِبَادَتِكُم مَعَهُ غَيْرَه، وإشْرَكِكُم بِه، وإنْكَاركُم قُدْرَتَه على إِعَادَةِ خَلْقِكُمْ ونَشْرِكُم، وحِسَابِكُم، في الآخِرَةِ؟ .تفسير الآية رقم (88): (88)- قُلْ لَهْم: مَنْ يَمْلكُ كُلَّ شَيْءٍ في الوُجُودِ ومَنْ هو المُسَيْطِرُ المُسْتَعْلي عَلًيْهِ، ومَنْ الذي يَسْتَطِيعُ بِقُوَّتِه، وسُلْطَانِه أنْ يَبْسُطَ حِمَايَتَهُ (يُجِيرُ) على مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِه، فلا يَصِلُ إليهِ أَحَدٌ بِسُوءٍ، ولا يَمْلِكُ أَحَدٌ مِنْ خَلَقِهِ أنْ يُجِيرَ عَلَيْه، وأَنْ يَمْنَعَ أَمْرَ اللهِ مِنْ أَنْ يَصِلَ إِلى مَنْ يَشَاءُ اللهُ وصولَ أمْرِهِ إِليهِ، فإنْ كَانَ لَكُمْ عِلْمٌ بِذَلِكَ فَأَجْيبُونِي؟ أَجَارَهُ- جَعَلَه في جِوَارِه، وشَمَلَهُ بِحِمَايَتِهِ. المَلَكُوتُ- المُلْكُ الوَاسِعُ العَظِيمُ. هَوَ يُجِيرُ- يُغَيثُ ويَحْمِي مَنْ يَشَاءُ ويَمْنَعُهُ. لا يُجَارُ عَلَيْه- لا يُغَاثُ أَحَدٌ مِنْهُ ولا يُمْنَعُ. .تفسير الآية رقم (89): (89)- فَسَيَعْتَرِفُونَ أنَّ السَّيِّدَ العَظِيمَ، الذي يُجِيرُ ولا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُجِيرَ عَلَيْهِ، هو اللهُ وَحْدَه، لا شَرِيكَ لَهُ في ذَلِكَ، فَقُلْ لَهُمْ: كَيْفَ تَذَهَبُ عُقُولُكُم، وتُخَدَعُون وتُصْرِفُونَ عَنِ الحَقِّ إلى البَاطلِ، فَتَعْبُدُونَ تَذْهَبُ اللهِ غَيْرَهُ، مَعَ اعْتِرَافِكُم أنَّه لا رَبَّ سِواهُ فَتَكُونُون كَمَنْ سُحِرَتْ عُقُولُهم وَغَابَتْ عَنْ رُشْدِها. فأنَّى تُسْحَرُون- فَكَيْفَ تُخْدَعُونَ عَنْ تَوْحِيدِهِ. .تفسير الآية رقم (90): {أَتَيْنَاهُمْ} {لَكَاذِبُونَ} (90)- لَيْسَ الأَمْرُ كما يَقُولُ هَؤُلاءِ المُشْرِكُونَ (بَلْ)، ولا كَما يَزْعُمونَ مِنْ أنَّ ما جَاءَهُم بِهِ رَسُولُهم هو مِنْ قَصَصِ الأوَّلِين وأحَادِيِثِهم، ولَيْسَ مُنَزَّلاً مِنْ عِنْدَ اللهِ، والحَقِيقَةُ هِيَ أنَّ مُحَمَّداً صَادِقٌ وَأَنَّ الله هُوَ الذي أَمَرَهُ بِإِبْلاغِهِ إلى النَّاسِ، ودَعْوتِهِمْ إلى الأخْذِ بِهِ، وإنَّهُم لَكاذِبُونَ فيما يَقُولُونَه وَيَزعُمُونَهُ، وفيما يَعْبُدونَهُ مِنْ أَصْنَامٍ وأَوْثَانٍ.
|