فصل: تفسير الآية رقم (129):

مساءً 4 :20
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
17
الأربعاء
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (121):

{قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121)}
{آمَنَّا} {العالمين}
(121)- وَقَالُوا: آمَنَّا بِرَبِ العَالَمِينَ، لأَنَّهُمْ أَدْرَكُوا أنَّ الذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى شَيءٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهِ، إِذْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ سِحْراً لَمَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَتَغَلَّبَ بِهِ عَلَيْهِمْ.

.تفسير الآية رقم (122):

{رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)}
{وَهَارُونَ}
(122)- وَهُوَ تَعَالَى رَبُّ مُوسَى وَهَارُونَ الذِي نَصَرَهُمَا عَلَيْنَا.

.تفسير الآية رقم (123):

{قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123)}
{آمَنتُمْ} {آذَنَ}
(123)- وَأَدْرَكَ فِرْعَوْنَ الأَثْرَ العَظِيمَ الذِي تَرَكَتْهُ فِي نُفُوسِ الشَّعْبِ، هَزِيمَةُ جَمِيعِ السَّحَرَةِ، الذِي حَشَدَهُمْ، أَمَامَ عَصَا مُوسَى، ثُمَّ مَا تَبِعَ ذَلِكَ مِنْ إِيمَانِ السَّحَرَةِ بِاللهِ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ، وَإِعْلانِهِمْ إِيمَانَهُمْ، أَمَامَ فِرْعَونَ وَجُمُوعِهِ، بِالسُّجُودِ للهِ، وَهذَا يَعْنِي كُفْرَهُمْ بِأُلُوهِيَّةِ فِرْعَونَ وَعِبَادَتَهِ، فَأَدْرَكَ سُوءَ عَاقِبَةِ جَمِيعِ ذلِكَ عَلَيْهِ، فَأَرَادَ إِزَالَةَ هذَا الأَثْرِ مِنْ نُفُوسِ الشَّعْبِ، وَإِلْهَاءِ الشَّعْبِ بِشَيءٍ آخَرَ، فَأَخَذَ يَتَوَعَّدُ السَّحَرَةَ لإِيمَانِهِمْ بِرَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ وَبِنُبُوَّتِهِمَا، قَبْلَ أَنْ يَأْذَنَ هُوَ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَاتَّهَمَهُمْ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُتَوَاطِئِينَ فِي ذَلِكَ مَعَ مُوسَى وَهَارُونَ، عَلَى أَنْ يَغْلِبَهُمْ مُوسَى، وَقَدْ تَمَّ ذَلِكَ عَنْ سَبْقِ اتِّفَاقٍ وَتَشَاوُرٍ مَعَهُما، وَذلِكَ لِيُتِيحُوا لَهُمَا إِخْرَاجَ قَوْمِهِمَا مِنْ مِصْرَ، وَقَالَ لَهُمْ إِنَّهُمْ سَيَعْلَمُونَ مَا سَيَصْنَعُهُ بِهِمْ.
المَكْرُ- هُوَ تَصَرُّفُ الإِنْسَانِ لِيَصْرِفَ آخَرَ عَنْ قَصْدِهِ بِالحِيلَةِ.

.تفسير الآية رقم (124):

{لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124)}
{خِلافٍ}
(124)- ثُمَّ شَرَحَ لَهُمْ مَا سَوْفَ يَصْنَعُهُ بِهِمْ، وَهُوَ أَنَّهُ سَيَقْطَعُ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، بِصُورَةٍ مُتَخَالِفَةٍ، فَيَقْطَعُ اليَدَ اليُمْنَى وَالرِّجل اليُسْرَى، أَوْ يَقْطَعُ اليَدَ اليُسْرَى وَالرِّجْلَ اليُمْنَى، ثُمَّ أَنَّهُ سَيَصْلِبُهُمْ جَمِيعاً عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ حَتَّى يَمُوتُوا، لِيَكُونُوا عِبْرَةً لِغَيْرِهِمْ.

.تفسير الآية رقم (125):

{قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125)}
(125)- فَقَالَ السَّحَرَةُ يَرُدُّونَ عَلَى تَهْدِيدِ فِرْعَوْنَ: إِنَّنَا نَعْلَمُ يَقِيناً أَنَّنَا سَنَرْجِعُ إِلى اللهِ رَبِّنَا، وَعَذَابُهُ تَعَالَى أَشَدَّ مِنْ عذَابِكَ، وَنَكَالُهُ عَلَى مَا أَكْرَهْتَنا عَلَيهِ مِنْ مُمَارَسَةِ السِّحْرِ لِمُعَارَضَةِ الحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللهِ، أَعْظَمُ مِنْ نَكَالِكَ، لِذلِكَ فَإِنَّنَا سَنَصْبِرُ عَلَى أَذَاكَ لِنَنْجُوَ مِنْ عَذَابِ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ.

.تفسير الآية رقم (126):

{وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126)}
{آمَنَّا} {بِآيَاتِ}
(126)- وَنَحْنُ لَمْ نَرْتَكِبْ إِثْماً أَوْ جُرْماً تَنْقِمُ بِهِ عَلَينا، وَالشَّيءُ الوَحِيدُ الذِي تُؤاخِذُنَا عَليهِ هُوَ أَنَّنَا آمَنَّا بِرَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا آيَاتُهُ. ثُمَّ اتَّجَهَ السَّحَرَةُ بِالدُّعَاءِ إِلى اللهِ تَعَالَى قَائِلِينَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْنَا عَلَى دِينِكَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الصَّابِرِينَ عَلَى الأَذَى الذِي سَيُلْحِقُهُ فِرْعَوْنُ بِنا، وَتَوَفَّنَا وَنَحْنُ مُتَّبِعُونَ دِينَكَ وَنَبِسَّكَ، مُسْتَسْلِمُونَ لِقَضَائِكَ.
مَا تَنْقِمُ مِنَّا- مَا تَكْرَهُ مِنّا- وَمَا تَعْتُبُ عَلَيْنا بِهِ.
أَفْرِغْ عَلَينا صَبْراً- أَفِضْ أَوْ صُبَّ عَلَينا صَبْراً مِنْ عِنْدِكَ.

.تفسير الآية رقم (127):

{وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127)}
{وَآلِهَتَكَ} {قَاهِرُونَ}
(127)- وَسَالَ جُمْهُورُ السَّادَةِ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ، عَمَّا يَنْوِي فِرْعَوْنُ أَنْ يَفْعَلَهُ بِمُوسَى وَهَارُونَ وَقَوْمِهِمَا، وَهَلْ سَيَتْرُكُهْم يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ، وَيُضِلُّونَ الرَّعِيَّةَ، وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ، وَإِلى تَرْكِ عِبَادَةِ فِرْعَوْنَ وَآلِهَتِهِ؟ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ فِرْعَوْنُ قَائِلاً: إِنَّهُ سَيَقْتُلُ الذُّكُورَ مِنْ أَبْنَاءِ بَنِي إِسْرِائِيلَ، وَيَسْتَبْقِي النِّسَاءَ عَلَى قَيدِ الحَيَاةِ، وَإِنَّهُ سَيُخْضِعُهُمْ جَمِيعاً لِلْقَهْرِ وَالإِذْلالِ، فَلا يَسْتَطِيعُونَ إِفْسَاداً فِي الأَرْضِ.
نَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ- نَسْتَبْقِي نِسَاءَهُمْ عَلَى قَيْدِ الحَيَاةِ لِلْخِدْمَةِ.

.تفسير الآية رقم (128):

{قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128)}
{والعاقبة}
(128)- وَلَمَّا سَمِعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ هذا التَّهْدِيدَ خَافُوا مِنْ بَطْشِ فِرْعَوْنَ، فَطَمْأَنَهُمْ مُوسَى، وَقَالَ لَهُمْ: اسْتَعِينُوا بِاللهِ عَلَى رَفْعِ ذلِكَ الوَعِيدِ عَنْكُمْ، وَاصْبِرُوا وَلا تَحْزَنُوا فَإِنَّ الأَرْضَ هِيَ للهِ، الذِي بِيَدِهِ مَلَكَوْتُ كُلِّ شَيءٍ، يُورِثُهَأ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ. وَالعَاقِبَةُ الحُسْنَى لِمَنْ يَتَّقُونَ اللهَ، وَيُرَاعُونَ سُنَنَهُ فِي أَسْبَابِ إِرْثِ الأَرْضِ: اتحَادَ الكَلِمَةِ، وَالاعْتِصَامَ بِالحَقِّ، وَإِقَامَةَ العَدْلِ، وَالصَّبْرَ عَلَى الشَّدَائِدِ، وَالاسْتِعَانَةَ بِاللهِ عَلَى المَكَارِهِ.

.تفسير الآية رقم (129):

{قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)}
(129)- فَقَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: لَقَدْ آذَوْنَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنَا، وَذَبَحُوا أَبْنَاءَنَا، وَهُمْ يُعِيدُونَ ذلِكَ الآنَ بَعْدَ أَنْ جِئْتَنَا. فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: اصْبِرُوا عَلَى أَذَاهُمْ عَسَى اللهُ أَنْ يُهْلِكَ هؤُلاءِ الأَعْدَاءَ، وَيَجْعَلَكُمْ، وَهَلْ سَتَشْكُرُونَ رَبَّكُمُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلائِهِ عَلَيْكُمْ. أَمْ تَكْفُرُونَ؟ هَلْ سَتُصْلِحُونَ أَمْ تُفْسِدُونَ لِيَجْزِيَكُمْ في الدَّنيا وَالآخِرَةِ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ.

.تفسير الآية رقم (130):

{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130)}
{آلَ} {الثمرات}
(130)- لَقَدْ ابْتَلَى اللهُ قَوْمَ فِرْعَوْنَ (آلَ فِرْعَوْنَ) بِسِنِينٍ عِجَافٍ، قَلَّتْ فِيهَا الزُّرُوعُ فَجَاعُوا، وَنَقَصَتْ فِيهَا الثَّمَراتُ، لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ النَّعِيمَ وَالخَيْرَاتِ، فَيَعْرِفُوا أَنَّ اللهَ ابْتَلاهُمْ بِذَلِكَ الجُوعِ، وَبِنَقْصِ الثَّمَرَاتِ لِيُؤْمِنُوا بِاللهِ، وَلِيُدْرِكُوا عَجْزَ فِرْعَوْنَ وَآلِهتِهِ أَمَامَ عَظَمَةِ اللهِ تَعَالَى، وَبَالِغَ قُدْرَتِهِ، وَليَكُفُّواعَنْ ظُلْمِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَيَسْتَجِيبُوا لِدَعْوَةِ مُوْسَى، لأنَّ المَصَائِبَ تُرَقِّقُ القُلُوبَ القَاسِيَةَ.
بِالسِّنِينَ- بِالقَحْطِ وَالجَدْبِ.

.تفسير الآية رقم (131):

{فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131)}
{طَائِرُهُمْ}
(131)- فَإذَا جَاءَهُمْ الخِصْبُ وَالرِّزْقُ الوَفِيرُ (الحَسَنَةُ) قَالُوا: إنَّنَا نَسْتَحِقُّ ذلِكَ لِمَا لَنَا مِنَ الفَضْلِ وَالامْتِيَازِ عَلَى النَّاسِ، وَإِذَا أَصَابَتْهُمْ سَنَةُ جَدْبٍ وَقَحْطٍ تَشَاءَمُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ (تَطَيَّرُوا)، وَقَالُوا: هذا بِسَبَبِهِمْ، وَبِسَبَبِ مَا جَاؤُوا بِهِ.
وَيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ قَائِلاً: إِنَّ عِلْمَ شُؤْمِهِمْ عِنْدَ اللهِ، وَإِنَّ مَا يَتَشَاءَمُونَ مِنْهُ وَيَتَطَيَّرُونَ بِهِ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَقَدْ نَزَلَ بِهِمْ بِسَبَبِ أَعْمَالِهِم القَبِيحَةِ، وَلَيسَ مِنْ عِنْدِ أَحدٍ مِنَ المَخْلُوقَاتِ، وَلا بِسَبَبِهِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ حِكْمَةَ تَصَرُّفِ الخَالِقِ فِي هَذا الكَوْنِ، وَلا أَسْبَابَ الخَيْرِ وَالشَّرِّ.
يَطَّيَّرُوا- يَتَشَاءَمُوا.
طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ- شُؤْمُهُمْ وَعِقَابُهُمُ المَوْعُودُ في الآخِرَةِ.

.تفسير الآية رقم (132):

{وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132)}
{آيَةٍ}
(132)- وَقَالَ هَؤُلاءِ لِمُوسَى: إِنَّهُمْ لَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ مَهَمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ آيَاتٍ وَحِجَجٍ وَبَرَاهِينَ، يُدَلِّلُ بِهَا عَلَى صِدْقِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ، وَفِي ظَنِّهِمْ أَنَّ مَا يَأْتِيهِمْ بِهِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ السِّحْرِ.

.تفسير الآية رقم (133):

{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133)}
{آيَاتٍ} {مّفَصَّلاتٍ}
(133)- فَعَاقَبَهُمُ اللهُ تَعَالَى عَلَى جَرَائِمِهِمْ بِأَنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ الفَيَضَانَاتِ النَّاجِمَةَ عَنِ الأَمْطَارِ الغَزِيرَةِ (الطُّوفَانَ)، وَأَرْسَلَ القُمَّلَ (وَهُوَ السُّوسُ الذِي يَأْكُلُ الحُبُوبَ)، وَابْتَلاهُمْ بِالضَّفَادِعِ التِي أََخَذَتْ تَمْلأُ بُيُوتَهُمْ وَتُزْعِجُهُمْ، ثُمَّ ابْتَلاهُمْ بِالدَّمِ، فَخَالَطَ طَعَامَهُمْ وَشَرَابَهُمْ (وَقيلَ إِنَّهُ سَلَّطَ عَلَيْهِمُ النَّزِيفَ الدَّمُوِيَّ الذِي يَنْجُمُ عَنْ أَمْرَاضٍ كَثِيرَةٍ ابْتُلُوا بِهَا).
وَكَانَتْ تِلْكَ كُلُّهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ عَلَى صِدْقِ رِسَالَةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ، إِذْ كَانَ تَوَعَّدَهُمْ بِوُقُوعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ، وَقَبْلَ وُقُوعِها، لِتَكُونَ دَلالَةً عَلَى صِدْقِهِ لا تَحْتَمِلُ تَأْويلاً، فَاسْتَكْبَرُوا عَنِ الإِيمَانِ بِهَا لِعُتُّوِّهِمْ وَرُسُوخِهِمْ فِي الإِجْرَامِ، وَإِنْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ صِدْقَ رِسَالَتِهِ، وَصِحَّةَ قَوْلِهِ.
الطُّوفَانُ- المَاءُ الكَثِيرُ.

.تفسير الآية رقم (134):

{وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134)}
{ياموسى} {لَئِن} {ا إِسْرَآئِيلَ}
(134)- وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ كَانَ يَنْزِلُ بِهِمْ مَا يُوْذِرُهُمْ بِهِ مُوسَى مِنَ العَذَابِ، كَانُوا يَأْتُونَ إِلَيهِ يَسْأَلُونَهُ أَنْ يَدْعُوا اللهَ رَبَّهُ لِيُنْقِذَهُمْ مِنَّا نَزَلَ بِهِمْ، وَأنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ ذلِكَ البَلاءَ، وَيَتَعَهَّدُونَ لَهُ بِأَنْ يُؤْمِنُوا لهُ، وَبِأَنْ يَسْمَحُوا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ بِالخُرُوجِ مَعَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. وَكَانَ مُوسَى يَدْعُو اللهَ رَبَّهُ يَسْأَلُهُ كَشْفَ البَلاءِ فَيَكْشِفُهُ، فَلا يَلْبَثُونَ أَنْ يَعُودُوا إِلَى كُفْرِهِمْ وَعِنادِهِمْ، وَيُصِرُّونَ عَلَى عَدَمِ السَّماحِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ بِالخُرُوجِ مِنْ مِصْرَ، فَيَعُودُ اللهُ تَعَالَى إِلَى ابتلائِهِمْ بِبَلاءٍ آخَرَ يُرْهِقُهُمْ، فَيَعُودُونَ إِلَى رَجَاءِ مُوسَى.

.تفسير الآية رقم (135):

{فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135)}
{بَالِغُوهُ}
(135)- فَإِذَا كَشَفَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمُ البَلاءِ بِدُعَاءِ مُوسَى، عَادُوا إلى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الكُفْرِ، وَنَكَثُوا بِوَعْدِهِمْ لَهُ.
الرِّجْزَ- العَذَابَ.

.تفسير الآية رقم (136):

{فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136)}
{فَأَغْرَقْنَاهُمْ} {بِآيَاتِنَا} {غَافِلِينَ}
(136)- بَعْدَ أَنِ ابْتَلاهُمُ اللهُ بِالآيَاتِ الوَاحِدَةِ بَعْدَ الأُخْرَى، وَبَعْدَ أَنْ نَكَثُوا بِوُعُودِهِمْ المَرَّةَ تِلْوَ المَرَّةِ، انْتَقَمَ اللهُ مِنْهُمْ بِأَنْ أَغْرَقَهُمْ فِي البَحْرِ (اليَمِّ) الذِي فَرَقَهُ مُوسَى بِضَرْبَةٍ مِنْ عَصَاهُ، فَتَجَاوَزَهُ هُوَ وَبَنُو إِسْرَائِيلَ إلى الطَّرْفِ الآخَرِ مِنْهُ، ثُمَّ وَرَدَهُ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا جَمِيعُهُم دَاخِلَهُ، أَطْبَقَ عَلَيْهِم المَوْجُ فَغَرِقُوا جَمِيعاً. وَقَدْ فَعَلَ اللهُ بِهِمْ ذَلِكَ لأنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ، وَتَغَافَلُوا عَنْها.